السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخوة الاعزاء
،لعله لا يخفى على أحد ما في كلمة (بلا وطن) أو (بدون وطن) من تجاوز للمنطق وللأعراف الإنسانية، فكما لا يجوز أن يكون الإنسان عبدا وقد ولدته أمه حرا، كذلك لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون الإنسان (بلا وطن) وقد ولدته أمه مواطنا.هذا التجاوز المنافي للمنطق الذي يطلق على بعض الناس مصطلح (بدون وطن) ويختصره في المصطلح الخجول (بدون) ليس مصطلحا قديما موغلا في القدم، مما يدل على أنه اختراع حديث نسبيا، ومع قليل من البحث تكتشفون أنه لم يستخدم إلا منذ سقوط أراضي دولة تحت احتلال الدول الكافرة الصليبية، التي قسمت البلاد، وقامت بتوزيعها على من والاها من الإقطاعيين ومن الزعماء العشائر والقبائل المحليين، ليجعلوها مزارع شخصية لهم، وليتصرفوا بالأرض وكأنها ملك لهم، وبالشعوب وكأنهم دجاج أو خراف أو عبيد عندهم .البدون في الأصل هم المواطنون الذين كانوا لأسباب ما تخلفون عن تسجيل أنفسهم أو تسجيل أبنائهم في سجلات الدولة الرسمية، فهم إذن ليسوا في الأصل (بدون أوطان)، لكنهم (بدون جنسية) ظلما وجورا ، وهذه الحالة حالة دائمة في الماضي، وفي الحاضر، وفي المستقبل، وهي حالة قائمة في بعض الدول كالخليج ونظرا لأن بلادنا كانت تنضوي تحت لواء الجهل والغباء والفقر وحب السلطة، ودعونا نسأل: كيف كانت دولة تتعامل مع مثل هؤلاء المواطنين؟ وهل كانت تعاملهم على أنهم (بدون) لمجرد كونهم (بلا جنسية )؟ لا وألف لا كان المواطنون على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم يعتبرون من المواطنين
وإذا حدث (ولسبب ما) أن فاتهم التسجيل في سجلات والأحوال المدنية وبيع الضمائر ومن الفقر لم يكن باستطاعتهم دفع الرشاوى لبعض المسئولين ولم يتمكنوا من حصول على حقهم ، بالماضي لم يكن يقال لهم (بدون)، وكان بإمكان هؤلاء (البدون) أن يتقدموا بكل فخر، وفي أي وقت من الأوقات، إلى السلطات ، ودافعين كم روبية للهوامير الحرامية المنتشرة بالشرايين ، لتم تسجيلهم في السجلات الرسمية بشكل روتيني، مع كامل الاحترام، من مواصلة حياتهم بشكل عادي، مثل سائر المواطنين الآخرين لأن الدولة كانت في حاجة ماسة لخدماتهم الجليلة لو لا ظلم الحكام والمسئولين وذو ضمائر الخبيثة والملاعين منهم هكذا كان (بدون) ، فشتان بين دولة إسلامية دستورها القرآن والسنة والشرع الإسلامي، وبين دول وريثة للمستعمر، لا تحكم بما أنزل الله، ولا تخجل من أن تسرق من مواطنيها أموالهم وأرواحهم و أوطانهم.حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ربما لا يعرف أحد بالضبط، ذلك الخبيث الماكر الذي كان أول من ابتكر مصطلح "البدون " ، وطرحه للاستخدام للمرة الأولى في تاريخ اللغة العربية. لقد ترسخ استعمال هذا المصطلح العجيب الغريب ، الذي شاع استعماله بين سائر دول الخليج ، ولم أسمع أن مجمعات اللغة العربية قد تناولت هذا المصطلح بالبحث، أو أنها قامت بتثبيته، أو بإيجاد بديل فصيح له، وإن كان البعض يفسره أحيانا بتعبير "غير محددي الجنسية" فكيف يكون الإنسان بلا وطن إلا عندنا ، ومن لف لفهما من الدول التي ما زالت تمارس سياسات التمييز العنصري، في زمن أصبح التمييز العنصري فيه من مخلفات الماضي، ودليلا قبيحا بشعا من الأدلة المخزية على الجهل والتخلف؟ البدون، لا يزالون يعانون ويمنعون من الحصول على الجنسية ، رغما عنهم أنهم مواطنون لمصلحة من تحرم هذه الفئة المظلومة والمسحوقة من البشر من أبسط حقوق الإنسان، بعد كل هذه السنين التي مرت على إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟ وإلى متى يستمر مسلسل الظلم والحرمان لهذه الشريحة المهشمة ؟
وهل هناك أي شرف يلحق بالدول المعنية جراء إبقائها ومحافظتها على هذا الوضع المزري، وغير الإنساني، وغير الأخلاقي لهذه الفئة المسكينة ؟ وهل يستطيع شرفاء إن وجد بها العصر الانتصار لعقيدتهم ولإنسانيتهم ولكرامتهم ، وإنصاف هؤلاء المظلومين وكسبهم، وإعادة لحقهم المسلوب كل هذه السنين و'إعادة البسمة إلى شفاههم وشفاه أبنائهم؟ الحرمان من جنسية مثل هذه الدول العظمى قد نفهمه أو نتفهمه، وإن كنا نرفضه ولا نقبله ولا نقره، لكننا لا نستطيع أن نفهم المعنى والمبرر لحرمان أي شخص - كائنا من كان – من رخصة قيادة المركبات ... شهادات الميلاد والوفاة ... وعقد الزواج والطلاق... التعليم في المدارس الحكومية ... والإمكانيات الأخرى المختلفة التي تتاح للأجانب حتى في أكثر دول العالم تقدما ورقيا وحضارة... وحتى في العالم المتخلف ؟ وفي نهاية الأمر، تبقى قضية البدون عارا على جبين الدول المعنية ... وعارا على جبين العرب والغرب والمنظمات والهيئات والمراكز المدعية بحقوق الإنسان ... بل وعارا على جبين الإنسانية جمعاء ... فلتخجلوا من أنفسكم... وليخجل من ذلك العبيد ... وليخجل من ذلك الأحرار ... ولا حول ولا قوة إلا بالله
ألا لعنة الله على القوم الظالمين.... والله المستعان
البدون بدولة الإمارات الظالمة