جاءت ورقة النقاش الأولى التي يكتبها و ينشرها جلالة الملك ضمن سلسلة اوراق نقاش ملكية تدعو الى الحوار الوطني للخروج ببرنامج او على الاقل برؤية اصلاحية مشتركة , بشكل هي اقرب إلى الفضولية منها إلى الواقعية ... فما استوحيته من قرائتي لورقة النقاش الاولى و التي حملت عنوان " مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة " ان المخاطب هنا مجتمع متمرس على العمل السياسي و مرتوي حتى الثمالة للمبادىء الديمقراطية و أن ما يعكر صفاء هذا المجتمع إنما هي سحابة صيف عابرة نشات نتيجة صراع طارىء بين اقطاب السياسة لدينا , اختلفت رؤاهم و و جهات نظرهم حول مستقبل الأردن و كيفية إدارة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها و مواطنيه .
لم يخطر ببالي ان جلالة الملك يتحدث في ورقته الأولى عن المجتمع الاردني , فخلال قرائتي لمضمون ما جاءت به الورقة , و التي تطرقت الى ضرورة تحديث الديمقراطية الأردنية و تجديدها من خلال الحوار و المشاركة البناءه بين الناخب ( المواطن ) و المرشح ) أننا نتحدث عن إحتقان سياسي - اقتصادي قد تسبب به المرشح الكريم او النائب السابق او نواب المجالس السابقة للمواطن المسكين !!!
و لا ندري بالفعل هل كان هنالك بالاصل لدينا نواب حقيقيون ليمثلوا المواطن و قد قصروا فعلا في ادائهم لواجبهم و خانوا ثقة الناخبين و المواطنيين حتى ينشا مثل ذلك الاحتقان او الصراع الذي تخيله جلالة الملك واضعا نصب عينيه الداء السحري و الفعال للخروج من هذه المعضلة بالدعوة الى الحوار و من ثم الحوار المتمدن و من ثم الحوار الديمقراطي بين الناخبين و المرشحين لتشكيل مجموعة من التفاهمات حول واجب و مسئولية كل من الناخب ( المواطن ) و المرشح ( النائب ) .
و كان عجلات مؤسسات الدولة و قوانينها تعمل بأفضل أداء لها و انها غير مسئولة أبدا عن اي نوع من انواع الفساد او عن الازمة السياسية او الاقتصادية التي تعصف بالأردن .
و لا يصح براي الشخصي ان يسلط جلالة الملك على تطوير الممارسات الديمقراطية للمجتمع الاردني لكون تلك الممارسات لا تصدر عفويا او اراديا من المجتمع و افراده ما لم تتواجد مؤسسات ديمقراطية بالاصل كمجلس نواب منتخب - حكومة نزيهة - استقلال القضاء - احزاب فاعلة وقوية . حينها و مع نمو و ازدهار العمل السياسي يمكن القول ان الممارسات الديمقراطية بحاجة الى تطوير ... فالممارسات هنا انعكاس لصورة نمط الحياة السياسية و اداء مؤسسات الدولة و ليست مواد معلبة يمكن تناولها في اي وقت و عند الحاجة .
و التطوير الذي ينادي به جلالة الملك انما يصلح لدولة مارست و طبقت بالفعل تنمية سياسية حقيقية و تراجعت لفترة من الفترات و لظروف خاصة .
اعتقد ان ورقة النقاش الاولى كان يتوجب ان تحمل العنوان العريض و الافتراضي لرؤية جلالة الملك حول الاصلاح و هو الدعوة الى بناء اسس المملكة الجديدة ضمن النظام الملكي الهاشمي ... بالحوار و العمل المشترك .
فلا ضرر من المكاشفة و الاعلان صراحة عن حاجة الأردن الى اعادة تقنين و إعادة هيكلة مؤسساته .
و لا ضرر من الاعلان عن حاجة قضائنا لمزيد من الاستقلالية .
و لا ضرر من الاعلان عن تطبيق فعلي و حقيقي و علني لرفع الأحكام العرفية .
براي الشخصي اننا لا نحتاج الى المبادىء الديمقراطية دون تهيئة البيئة المناسبة ( بناء اسس المملكة الجديدة ) فتلك المبادىء ستضرنا كمواطنيين و ستضر الأردن كوطن مع تزاحم الآراء و عدم إحترامها لأراء الأخرين .
ستتطور و تترسخ المبادىء الديمقراطية في قيمنا و سلوكنا و عملنا بالتزامن مع بناء اسس المملكة الجديدة لا محالة . فلما الاستعجال على قطف ثمار غير يانعة و ناضجة لن يجد المواطن من طعمها الا العلقم .
ختاما ... و براي الشخصي ان حاجتنا الى المملكة الجديدة ضرورة قصوى لمواكبة تطور الحضارات و الفكر البشري , هذا ان لم يكن من باب القضاء على البيئة التي سهلت من ترعرع الفاسدين و تعطيل برامج الاصلاح .