كل مسئول يعتبر شخص فاسد ما لم يثبت العكس؟!
03/05/2010استدراك.... الاتهام هنا رمزي و لا يستهدف أي إنسان و الموضوع هو محاولة لتسليط الضوء على ظاهرة اجتماعية قد تحدث داخل أي أسرة , دائرة حكومية أو خاصة أو مجتمع , تاركين المجال أمام كل متهم لمراجعة ضميره و تقديم أدلة البراءة لنفسه.
نحمد الله أننا ما زلنا كأمة عربية و مجتمعات و أفراد نعيش على ارث حضارتنا الغنية بالأعراف و التقاليد و الروايات التي يستغرب إنسان القرن الحادي و العشرين حدوثها أو حتى تخيل أشخاصها , و لولا ذلك الإرث الغني بالمآثر و الحكم العجيبة فاني اعتقد جازما بان الإنسان العربي لن يجاهر بعروبته أمام انعدام أي مآثر أو انجاز يفاخر به أقرانه من الأمم الأخرى .
فحينما نسمع عن حاكم يموت و هو مدين أو لا يخلف وراءه إلا درهما أو يبكي من نصيحة قدمها له احد الرعاة أو نسمع عن أشخاص يرجون الحاكم أن لا يوليهم أية مسؤولية مخافة أن لا يعدلوا أو مخافة أن تستهويهم المنفعة , نشعر حينها أننا ننتمي إلى امة و حضارة خيالية لا يتصورها عقل بشري حديث , و ندرك حينها كيف كانت حضارتنا منبعا و موروثا ثقافيا للجنس البشري اجمع , و ندرك حينها لما كانت الأمم كلها عاجزة عن وقف المد الإسلامي خلال القرن الثاني للهجرة .
في ذلك الوقت لم يكن هناك فساد و لا مفسدون و لم يكن هناك طمع و طامعون بل كان هنالك إحكام للعقل و كان هنالك رقابة ذاتية و ضمير حي.... كان هنالك الوازع الديني و الخلق العظيم و هو ما تفتقده مجتمعاتنا في زمننا الحالي حيث نجد الوزراء و المستوزرون و نجد الفاسدين و المفسدون و تطالعنا الصحف المحلية و المواقع الالكترونية بقضايا فساد و مفسدون في اغلب الدوائر و المؤسسات العامة منها و الخاصة و حتى البيوت و الأسر لم تسلم منها .
و الفساد المعني في زماننا هذا , هو فساد ولاة الأمر من مدراء و مسئولين و وزراء يعملون لصالح النفع العام و لكن ما يحدث فعلا أن بعضهم يعمل للنفع الخاص و كلمة البعض استفحلت لدرجة أنها أصبحت ظاهرة عامة في مجتمعاتنا العربية .
من منا لا يستغل منصبه أو مكانته أو حتى معرفته بشخص معين إلا و يستغل ذلك لتوظيف شخص أو لاستغلال ما تطول يده من منفعة إلا من رحم ربي .
لقد استفحل الفساد لدرجة انه أصبح ظاهرة عامة شئنا أم أبينا , بل أصبح اغتنام المنفعة و الكسب غير المشروع عملا رجوليا و بطوليا لذلك الفاسد , فعقله الباطني المريض يبيح و يبرر له فعل ذلك من باب معتقدات بالية كالنهب من المال العام أو استغلال المكانة يعتبر غنيمة و فرصة لا تعوض لان غيره لن يوفرها أو لان أيامه في الوظيفة قد تكون معدودة , كل ذلك يحدث بأشكال قد تكون علنية أحيانا و بلا وازع ديني أو أخلاقي و لن تستطيع الدولة بأي حال من الأحوال أو ديوان المحاسبة أن يكونا رقيبين على سلوك كل فرد منا إذا لم يردعه الوازع الديني أصلا .
و كل ذلك من مظاهر فساد و إفساد و مفسدين يعيثون في الأرض فسادا بينما يعيش بين ظهرانينا أشخاص عراة ,جياع, حفاة يفترشون الطرق و لا يجدون قوت يومهم , بل يتعدى الأمر ذلك لنجد عائلات تحرم من اقل مقومات الحياة كسكن كريم و عمل و تعليم في دولة مثل الأردن تتسارع فيها وتيرة النمو الاقتصادي و المدني و الاجتماعي .
و محور القضية هنا ليس في تفسير فلسفي لمفهوم الفساد و وسائله لأن ما يهمنا في هذا الموضوع التعريف بالضرر الحاصل على المواطن العادي بسبب الفساد فالمال المنهوب هو حق لكل متسول و مشرد و عاجز و مريض و طالب علم غير مقتدر , و الدعوة هنا و إن كانت عامة لحق الدولة إلا أنها في الأساس دعوة شخصية لكل من فقد حقه بسبب نهب المال العام ...
و قس على ذلك لمن حرم من وظيفة لان شخص ما نالها بسبب درجة القرابة أو المعرفة بينه و بين المسئول و كذلك على من يستغل المقدرات المتاحة بين يديه من سيارات و وسائل اتصال
و قس على ذلك المتعاملين بالرشوة من راشي و مرتشي و المتعاونين مع العدو و العملاء .
فالشخص الفاسد هو عدو كل مجتمع و عدو لكل مواطن لا يستطيع العلاج و عدو لكل شخص لا يستطيع التعليم و عدو لكل مشرد لا يجد مأوى و عدو لكل عاطل عن العمل لا يجد عملا و الشخص الفاسد و الذي تثبت إدانته بالفساد هو إنسان مريض اجتماعيا و عقليا و وجوده في مكانته أو وظيفته يشكل خطرا على المجتمع .
و الشخص الفاسد يتلون بتلون المنفعة المتأتية فهو سارق للمال العام أو مهمل للأداء و الواجب أو مستغل للمقدرات أو مسيْ للأمانة أو خائن للمجتمع و المسئولية . و لن أبالغ إذا قلت أن الشخص الفاسد الذي يرتكب جزءا صغيرا من الفساد يكون فاسدا بالمطلق بسبب غياب الوازع الديني و الخلقي إلى جانب إهمال العقل .
و لعلي اختتم الموضوع بأبلغ العبارات التي قرأتها في حياتي حول مفهوم و تعريف الفساد و هو ما أشار إليه الدكتور سهيل بني مصطفى و هو أستاذ جامعي في احد الجامعات الأردنية , حيث قال في إجابة موجزة و شاملة على مشاركة له حول موضوع الفساد :
الفساد حصل بسبب فساد العقل والخلق والانتماء فأي شخص لا يوجد لديه ثقافة مجتمعيه وثقافة وطن ومواطنه لا يمكن أن يقود آو يستلم مسؤولية دون العيث فيها فسادا و دون ان يستغل موقعه ومنصبه وعليه فعلى الدولة عند اختيار شخص ما لمناصب قياديه الجوع إلى تاريخه لمعرفة انتمائه لدينه أولا ولبلده , وفي رأيي أن كل من يثبت فساده يجب قصاصه ومعاملته كالجاسوس والخائن لبلده حتى يكون عبرة لغيره لا أن يوضع في موقع أخر أعلى منصبا ليكون أكثر فسادا...تنمية الوازع الخلقي والديني والمواطنة احد الحلول لهذا المرض المتفشي
No comments:
Post a Comment