نعتذر عن إستقبال التواقيع حول هذه المقالة
06-12-2010" لا يساورني أدنى شك بأن الحكومة القطرية تملك من الطموح و الرؤية ما يصنفها بأنها سابقة لعصرها و زمانها , فمن يتخذ قراراً بنفي أمير البلاد , و بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدون دعوة مسبقة أو حتى حاجة لذلك , و إتخاذ مظهر الوسيط العربي و الدولي حيثما توجد الصراعات السياسية , لقادرة على إنشاء قناة الجزيرة الفضائية و التي تبلغ ميزانيتها السنوية أكثر من ربع مليار دولار , و لقادرة أيضاً على إستقطاب إعلاميين و كتّاب مرتزقة لبث السموم , و لتكون القناة ذراعاً سياسياً يروج لتنين الشرق الأوسط القادم , الذي يصطدم بصخرة تقف حجر عثرة أمام ظهور ذلك التنين في المنطقة العربية كصانع قرار سياسي "
سبق الظن الحدث , و ما كانت تدعى بالخاطرة تجسدت حقيقة ترى بالعين المجردة كقرص الشمس , فالظن بوجود سياسة خبيثة و متشددة تتبعها قناة الجزيرة ضد الأردن من خلال إنكار كيانه و العمل على ترويج التقارير الاقتصادية التي تسيْ لسمعة الاقتصاد و السوق السياحي , مرورا برفض التصويت لمرشح الأردن لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة في العام 2006, و مؤخراً بتوجيه كيل الإتهامات للأردن بالوقوف وراء التشويش على مباريات كاس العالم التي أقيمت مؤخراً في جنوب أفريقيا .
و ما إلى ذلك من إدعاءات و تقارير لم يعد المرء قادراً على إحصائها , تجسد مؤخراً باليقين عقب كشف موقع الويكيليكس لأحد الوثائق التي تشير إلى تدخل الحكومة القطرية في سياسة القناة و إستخدامها كأداة للمساومة السياسية رغم نفي حكومة قطر لذلك و الإدعاء بإستقلاليتها من الناحية التحريرية و الموضوعية .
و يبدو أني كنت محظوظاً عندما ألغيت كتابة مقالة في وقت سابق , كنت سأكتبها حول موضوع إتهام قناة الجزيرة للأردن بأنه يقف وراء التشويش الذي حصل على قنواتها الرياضية أثناء بثها لمباريات كاس العالم مؤخراً , حيث كنت سأشير إلى ظنون بوجود إدارة و سياسة حكومية قطرية مباشرة داخل قناة الجزيرة هدفها الإساءة للأردن و العمل ما أمكن لتشويه صورته و إزاحته من طريقها كواحد من صناع القرار في المنطقة , و ليتخيل القارىْ كيف سيكون رأيه فيما لو قرأ ذلك قبل نشر الويكيلس لوثيقة التدخل الرسمي القطري في سياسة و ادارة قناة الجزيرة الفضائية .
فقناة الجزيرة - و التي لا ينكر أحد مدى إنفتاحها الإعلامي و تطرقها لقضايا هامة كانت بمثابة المحظور على مشاهديها و قدرتها على تغيير المشهد الإعلامي في العالم العربي من ملقن للخبر إلى منبر للمشاركة و التفاعل الحي مع المواطن العربي - تبنّت و للأسف سياسة قطرية حكومية متشددة تجاه الأردن و عدد من الدول العربية كالسعودية و التي استطاعت كبح جماح السياسة القطرية و التخفيف من تأثيرها من خلال إنشائها لقناة العربية و إستقطاب نسبة مهمة و لا بأس بها من المشاهدين العرب .
و ما كان من الأردن و في سبيل مواجهة تلك السياسة المتشددة ألا أن إستعان بلغة التهديد و الوعيد بإغلاق مكتبها في الأردن تارة و بالرد الرسمي على الاتهامات تارة أخرى , من باب عدم الرغبة في خلق أجواء متوترة , و هذا مأخذ قد يكون ايجابياَ للحكومة الأردنية يوحي بعدم المبالاة و بالترفع , إلا أنه يكون سلبياً للغاية عندما يتطرق الأمر إلى كيان الدولة كما في حالة التطرق إلى نفي كيانه في أحد حلقات برنامج الاتجاه المعاكس و بتبني سياسة إزاحة الأردن كدولة ذات قرار مؤثر في المنطقة العربية .
و غاب من حسابات الحكومة الأردنية أن الطريقة الأفضل للتعاطي مع ملف الجزيرة الفضائية إلى جانب تعاظم دور الأردن الإقليمي و الدولي كدولة ذات مكانة و تأثير سياسي في المنطقة العربية , أن تجابه قناة الجزيرة الفضائية بنفس الطريقة السعودية .
و الغريب في قضية الأردن مع ملف الجزيرة الفضائية أن جل كادرها المهني هم أردنيين أصلاً , ساهموا في بناء و نشر قناة الجزيرة التي إستغلت قدراتهم المهنية بتأمين فرص عمل مجزية في قناة تصدح شهرتها يوماً بعد يوم , تحت ذريعة الانفتاح الإعلامي يتطلب المصداقية في الطرح .
و ذلك الإنفتاح و ما رافقه من إنتشار نحو العالمية هما السبب الذي يدفع بالعديد من المواطنين الأردنيين للظهور في لقاءات و برامج الجزيرة الفضائية معتقدين بأنهم وجدوا الجهة التي تنفس عنهم همومهم و تتبنى رسالتهم , غير مدركين بأنها ذات الجهة التي تضمر الحقد و الكراهية للأردن لمواقفه و لمكانته .
و أمام مواقف و سياسة قناة الجزيرة الفضائية فانه لن يجدي نفعاً بالدعوة إلى مقاطعتها إعلامياً نظرا لعدم توفر البديل الذي نتمنى من الحكومة الأردنية أن تحذو حذو السعودية و مصر في إنشاء قناة فضائية منافسة في ظل تواجد الكادر المتخصص و المهني و الثقل السياسي و العلاقات الدولية القوية كالتي يحظى بها الأردن .
و لن يجدي نفعاً أمام حكومتنا الرشيدة في إتباع سياسة اللامبالاة فالحكومة القطرية خرقت ميثاق الأعراف الدبلوماسية , وخرقت ميثاق الشرف الإعلامي و الحيادية .
و بين حلم الحكومة القطرية بإقصاء الأردن عن مكانته و دوره العربي كواحد من صناع القرار السياسي في المنطقة من خلال زعزعة استقراره الاقتصادي و السياسي و التاريخي و بين ما نشرته وثائق الويكيليكس , ينطبق المثل القائل بأنه ما طار طائر وارتفع إلا كما طار وقع .
مواضيع مرتبطة
مواضيع مرتبطة
No comments:
Post a Comment