الحوكمة الرشيدة للأحزاب الاردنية /
الجزء الثاني
"مواجهة رهبة و خوف المواطن بتفعيل التنمية السياسية "
بقلم : غاندي أبو شرار ... من سلسلة أوراق حزبية خضراء
الخلاصة " على
الأحزاب الأردنية ان تدرك انها تتحمل مسئولية مباشرة عن التراجع الحاصل في التنمية
السياسية و أن لا تتأمل من أي حكومة أن تعطيها اكثر من الضوء الأخضر للعمل الحزبي
, كما عليها ان تدرك جيدا ان زيادة هذا الهامش القليل من العمل الديمقراطي و
الحزبي الموجود حاليا يعتمد على قدرتها على نشر برامجها و استقطابها للاعضاء و
المؤازرين و بخلافه فستبقى الاحزاب تعلق شماعة الفشل في تحقيق التنمية السياسية
على الحكومة "
لعل استخدام مصطلح "
الخضر الاردني " للتعريف بانشطتنا الخضراء له وقع اسهل و افضل لدى فئة الشباب
الاردني و باقي شرائح مجتمعنا الاردني العزيز , بل و ان استخدام تعبير " THE GREEN PARTY
OF JORDAN OR THE GREENS " و باللغة الانجليزية يكون
احيانا كثيرة اكثر استساغة و قبولا من استخدام مصطلح " حزب " علنية و
صراحة عند التعريف بانشطة الحزب .
هذا ما تلمسناه على ارض
الواقع مع علمنا المسبق بوجود نوع من الرهبة و غلبة سياسة الترهيب على عقول
شبابنا و شاباتنا عد التطرق لموضوع الاحزاب او الحديث بشأنها و نحن نتحدث و
اياهم حول سياسة خضراء و مفاهيم واضحة و ضرورية كالطبيعة و البيئة و الطاقة
و العدالة الاجتماعية و حقوق الانسان باتت بحكم الحاجة الملحة للتوعية
بشانها من اجل تطبيقها مع انفسنا و داخل بيوتنا قبل ان نخرج الى الشاراع العام
للمناداة بتطبيقها !
و السؤال الذي يطرح نفسه
في هذا المقام ... ماذا لو كنا نروج لأحزاب سياسية ذات مسميات اخرى بعيدة كل البعد
عن مصطلح الاخضر و الطبيعة و البيئة و الماء و الشمس ؟!
و بالتالي هذا يفسر
التدني الخطير جدا لنسبة المشاركين في العمل الحزبي داخل الاردن و الذين قد لا
يتجاوزن بمجموعهم عدد مشجعي فريق الوحدات او الفيصلي الرياضيين ؟!
هذه الرهبة الموروثة كانت
جزء من ثقافتنا السياسية حتى وقت قريب حينما سادت الاحكام العرفية في الاردن
دهرا من الزمن رهّبت المجتمع من الانضمام الى الاحزاب السياسية و الانخراط
في برامجها حيث كانت تفضل الدولة وقتها ابتعاد المجتمع عن الاحزاب السياسية حتى و
لو جاء ذلك على حساب التنمية المستدامة .
فكان الموروث الجيني الذي
اكتسبناه نحن كأبناء من ابائنا هو العامل المغذي و المستمر لرهبة البعض منا و
تخوفه خصوصا لدى شريحة الطبقة المثقفة , متعللين بمقولة كانت الى وقت قريب
ايضا من الادوات التي روجتها سياسة الاحكام العرفية " دعنا من السياسية و
مشاكلها و خلينا ندور على لقمة العيش "
حقيقة انني اقف موقف تحدي
مبني على عزم و اصرار كبيرين عند رؤيتي لهذا الواقع و يدفعني ذلك للإيمان و
التصميم على المحاولة لتعديل المفاهيم الخاصة بالعمل الحزبي بين المترددين و
المتشائمين و المتخوفين من الانخراط في العمل الحزبي او عند الحديث بشانه حتى و لو
كانت غاية الاحزاب نبيلة و واضحة و ضرورية كما " حزب الخضر الاردني " , في
محاولة لنشر الطمأنينة بين الشباب الاردني و شرائح المجتمع الاردني المختلفة حول اهمية الصداقة المفترضة بين مصطلح الاحزاب و أرائهم السياسية , مبتدءً باستعراض اهمية مشاركة جميع شرائح المجتمع في صناعة مستقبلهم السياسي و تمكينهم من ممارسة
دورهم الديمقراطي في بناء الاحزاب و ابداء ارائهم السياسية ضمن العمل الحزبي .
و لا بد من التنويه الى
ان الظروف السياسية للدولة الاردنية قد تغيرت نحو الافضل مع الانفتاح السياسي و
نشوء الاحزاب السياسية مرورا بالظروف المناسبة و المشجعة التي تستدعي الجميع
للمشاركة في التنمية السياسية و الديمقراطية التي تبنتها الدولة الاردنية ( و لو
كانت هامشية او مقيدة كما يروي البعض ) فالمشاركة باتت افضل من عدمها على اية
حال و يزيد هامش العمل الديمقراطي المتاح مع ازدياد عدد المشاركين باطراد و ذلك
امر مفروغ منه و لا يمكن رؤية هذا الهامش الديمقراطي يتسع الا بوجود المشاركة و
التي لا نستطيع ان نضع لها زمنا محددا )
المسئولية المشتركة
تقع على كاهل الاحزاب
الاردنية و الدولة الاردنية مسئولية مشتركة لا يمكن لاي طرف منهما التملص منها
فيما لو اجمع الطرفين على ضرورة وجود تنمية سياسية . و قبل الخوض في مسئولية
الطرفين يجب ان يعي كلا الطرفين مدى حاجتنا الماسة كمواطنين و كمجتمع و كدولة للتنمية السياسية الحقيقية و
الفعلية في الاردن و التي يمكن حصر فوائدها بالتالي :
1.
تفعيل التنمية السياسية شرط لاستقرار الأردن ( سياسيا و امنيا و
اجتماعيا ) حتى و لو لم يكن هنالك ربيع عربي غاضب يجتاح دولنا العربية , لان نمو حركة الوعي الفكري و الاجتماعي للمجتمع
الاردني يفترض ان يقابل بحكمة سياسية تأتي من الجانب الحكومي مواكبة لهذا الوعي و
تطلعاته.
و التنمية السياسية هنا مشروطة بمشاركة جميع التيارات و القوى
السياسية و على الدولة الاردنية ان تقتنع ان حركة الوعي الفكرية و الاجتماعية ( هي
تطور طبيعي لتطور الحياة الاجتماعية لجنس البشري و بناء عليه عليها ان تقتنع ان
حكم التبعية و فرض الاراء لا يصلح على الدوام ) و لم يعد عمليا و علميا التصدي لهذا الوعي بالوسائل
التقليدية كسياسة الترهيب او استخدام القوة الامنية او التوجيه الاعلامي او
السياسي او الولاء المقنع .
2.
ان تفعيل التنمية السياسية في الاردن شرط اساسي لتحقيق التنمية
المستدامة فالتنمية السياسية تسمح بمشاركة جميع شرائح المجتمع في صناعة مستقبل
الاردن و تسمح بمكافحة الفساد و المشاركة في وضع برامج الحكومة .
فاستقرار الحقوق السياسية لاي
مجتمع يمكّن سلطة القانون و يسمح بالمساواة و تكافؤ الفرص بين جميع شرائح المجتمع و يزيد من انتماء و
ولاء شرائح المجتمع للدولة و بالتالي يحفّز كامل شرائح المجتمع للعمل ( كل منا في مكانه و تخصصه ) و
تقل معدلات و نسب الهجرة.
3.
ان تفعيل التنمية السياسية في الاردن سيمكّن الاحزاب الاردنية من
تحزيب المواطنين ضمن برامج و اهداف و غايات سياسية واضحة المعالم و الرؤى و
بالتالي انشاء مظلات سياسية منظمة و تمثيل المجتمع تحت قبة البرلمان و بالتالي فان
التنمية السياسية تسمح بالتمكين الديمقراطي الحقيقي و الصحيح لجميع شرائح المجتمع .
4.
تفعيل التنمية السياسية يضمن للحكومة وجود احزاب قوية تمنع الفساد و
تحمي مصالح المواطنيين و تكون هذه الاحزاب القوية بمثابة العين الساهرة للحكومة
على مصالح الوطن و المواطنيين و بالتالي شريك اساسي في العمل .
مسئولية الحكومة تجاه
التنمية السياسية :
1.
يعي المواطنين جيدا على اختلاف انتماءاتهم و توجهاتهم ان " ما
يقال في السرايا يختلف اختلافا جذريا عما يقال في القرايا " و بمعنى اخر فان
ما يدعو اليه على سبيل المثال صاحب الجلالة من تمكين ديمقراطي و تنمية سياسية لا
يطبق نهائيا على ارض الواقع و نجد ما يخالف توجهاته و لهذا فان الضمانة الوحيدة
لتطبيق ما يدعو اليه صاحب الجلالة هو باعلان رسمي و صريح من قبل الاجهزة الامنية
انها ستعمل فقط على مراقبة التنمية السياسية و ليس التدخل في شئونها و مجرياتها و
لن يكون ذلك الا باعلان صريح قطعا لاي شك على ان يتبع ذلك اجراءات ملموسة يتلمسها
المواطن العادي .
2.
تكثيف حملات التوعية باهمية المشاركة السياسية لجميع شرائح المجتمع و
الدعوة الى تمكينهم ديمقراطيا .
3.
بناء الثقة مع القوى السياسية و الاحزاب الذي يهدف الى استقرار
الأردن و تنمية العمل السياسي و اشهار وثيقة حقوق سياسية تكفل و تحمي المشاركة
الديمقراطية لجميع شرائح المجتمع الاردني و ممثليه من قوى سياسية .
4.
تشريع قانون احزاب عصري : و هو موجود بالفعل في التعديل الاخير للعام
2012 و لكنه للأسف حذف اهم مادة عند التعديل و هي التي تشترط دورتين رئاستين فقط
للامين العام للحزب حيث الغيت المادة و كان المفوض ابقائها لضمان انتقال سهل
لرئاسة الاحزاب الاردنية و تمكين القيادات الواعية من خوض العمل الحزبي .و من هذا
المنطلق فان عملية بناء ديمقراطية للاحزاب الاردنية ستبقى معلقة لحين عودة هذه
المادة الى قانون الاحزاب .
5.
التمكين
الانتخابي للاحزاب : ان قانون الصوت الواحد افضل للتصويت في الدول الديمقراطية و
لكن الرفض الشعبي و الحزبي له و الترويج الاعلامي المغلوط احيانا اعطى انطباعا دى
المواطن العادي بان هذا القانون لا يحقق تنمية سياسية , فابدى غالبية المواطنين
اعتراضهم عليه دون ان يتطرقوا لماهيته , فقانون الصوت الواحد بالنسبة للاحزاب الاردنية فيما لو
كانت قوية و لها قاعدة اجتماعية فهو يحفزها على الدوام على استقطاب الأعضاء و
المؤازرين و لكن في الحالة الاردنية فان قانون الصوت الواحد يضر بالاحزاب الاردنية
لانتفاء وجود قاعدة شعبية لها و بالتالي فقد لا تحصل بعض الاحزاب على اي نسب تذكر
من نسب المقترعين . و افضل طريقة لمعالجة هذا الخلل يكمن بتمكين الاحزاب انتخابيا
من التواجد تحت قبة البرلمان ( مكافأة ) ضمن كوتا خاصة بالاحزاب كما الكوتا
المعتمدة للنساء في الانتخابات و ذلك لحين تمكين الاحزاب الاردنية من تاسيس قاعدة
شعبية لها .
6.
الابقاء
على الدعم المادي الممنوح للاحزاب الاردنية و المقدر بخمسين الف دينار اردني سنويا
ضمن شرط الانجاز و العمل " و ذلك يعني التناقص بقدر عدم العمل و الزيادة بقدر
زيادة العمل لتحفيز الاحزاب غير النشطة على العمل .
7.
الغاء المادة المنظمة لتلقي الاحزاب الاردنية للتبرعات و التي تمنع الأحزاب الاردنية من تلقي اي تبرع من الاشخاص الإعتباريين الاردنين ( الشركات ) لكون ذلك لن يمكن الاحزاب من ايجاد تمويل لبرامجها
.
8.
لا
يوجد شرط خاص لتفعيل التنمية السياسية يستدعي فصل دائرة الاحزاب مثلا عن وزارة
الداخلية لارسال شعور بالارتياح النفسي لدى الاحزاب و الحاقها بوزارة التنمية
السياسية لان كلا الدائرتين موجودتين بالاصل و وجودهما لا يعيق عمل الاحزاب او
المواطنين باي شكل من الاشكال .
9. إلزام الاحزاب الاردنية باصدار نشرة تعريفية
( شهرية او فصلية تجمل فيه مجمل انشطتها ليتعرف المواطنيين من خلالها على فكر و برامج
الحزب و انشطته .
مسئولية الأحزاب تجاه
التنمية السياسية :
1.
اعادة هيكلة الاحزاب الاردنية لتحول الى احزاب ديمقراطية من خلال
تبني انظمة داخلية تحدد المهام و المسئوليات و الواجبات تتيح لجميع الاعضاء
المشاركة الفاعلة في صناعة اراء الحزب و مواقفه
2.
تنويع العمل الحزبي ليشمل جميع مناحي الحياة لان ذلك سيفعل برامجها و
يمكنها من استقطاب اعضاء جدد و يحفز العمل التطوعي لدى شرائح كثيرة من المجتمع
الاردني .
3.
سعي الاحزاب الاردنية للترويج و بكثافة عن افكارها و برامجها بطرق
غير تقليدية ( استخدام الوسائل الالكترونية – البروشورات ) .
الخاتمة : لا
يمكن ازالة رهبة و خوف المواطن و تردده من الانخراط في العمل الحزبي و الانضمام
الى الأحزاب الا من خلال بناء ثقة متجددة بين الحكومة و الاحزاب تقوم على اساس
التعاون و الشراكة لنباء اردن ديمقراطي و تنمية مستدامة يشارك الجميع فيها لا ان
تكون العلاقة قائمة على اساس قانون و تنظيم فقط من خلال قانون الأحزاب .
------------------------------------------------------------
مواضيع ذات علاقة : الحوكمة الرشيدة للأحزاب الاردنية - الجزء الاول / سلبيات و ايجابيات الأداء الحزبي الأردني
------------------------------------------------------------
مواضيع ذات علاقة : الحوكمة الرشيدة للأحزاب الاردنية - الجزء الاول / سلبيات و ايجابيات الأداء الحزبي الأردني