الحوكمة الرشيدة للأحزاب الاردنية - الجزء الاول
سلبيات و ايجابيات الأداء الحزبي الأردني
بقلم : غاندي أبو شرار ... من سلسلة أوراق حزبية خضراء
الرسالة التالية تعبر عن قناعة و هدف مؤسس حزب الخضر الاردني و بالتالي فان غاياتها و ما تتضمنه من تطرق لسلبيات العمل الحزبي و مفهومه الغامض في الاردن لا يقصد منها توجيه نقد مباشر لامناء عاميين الاحزاب الأردنية و احزابهم الموقرة , مع حفظ الألقاب لسعادتهم فرداً - فرداً و حزباً - حزباً , لأننا نؤمن في الخضر الاردني و كمؤسسين بضرورة و حتمية الشراكة و التعاون و التنسيق الحزبي المستمر مع اصدقائنا الحزبيين لتحقيق أهداف الاحزاب الأردنية جميعها و المتمثلة في خدمة قضايا المجتمع الاردني و المواطن و الحفاظ على أمن و إستقرار الوطن و قيادته .
تمهيد
لعل سلبيات العمل الحزبي في الاردن و غموض مفهومه اكثر من ان تحصى و من المفيد لنا كاشخاص عاديين او كامناء عاميين للاحزاب ان نتسائل قليلا عن مستقبل العمل الحزبي في الأردن و الغاية منه طالما تحفل انظمة احزابنا الداخلية بآمال و طموحات مؤسسيه و التي قد تفوق ما احتوته انظمة الاحزاب العالمية الناجحة من اهداف و غايات تسعى لتحقيقها .
فما هو الخلل ؟ و اين موضعه ؟و من وضعه حجر عثرة امام تنمية العمل الحزبي ؟ و كيف لنا ان نصلح عجلته .؟
و لعل السؤال الاهم ها هنا , و قبل الاجابة على ما سبق . هل تساؤلاتنا كانت في محلنا و تحتاج الى استدلالات ام انها بغنى عن ذلك لكون ذلك معلوم و واضح لدى العوام قبل ان ان يكون معلوما عند صانعي الخلل ؟
و كيف حكمنا على العمل الحزبي في الأردن بانه دون المستوى المطلوب نوعاً لا كماً و كيف لم تترك الاحزاب الأردنية بصمات واضحة لدى الرأي العام المحلي باستثناء ما تتركه من قناعات لدى الحلقة الضيقة و الاولى من المؤسسين فقط لا غير .
و لن انسى تجربتي الشخصية في العمل الحزبي - قبيل تأسيس حزب الخضر الاردني للإستدلال بشواهد مرئية اوصلتني لقناعة راسخة بان الحكومة لا تتحمل لوحدها مسئولية تقاعس الاحزاب عن العمل و من غير الصحيح اذا ما اردنا ان نتحدث بالمطلق ما يردد و يشاع بان الحكومة تلاحق منتسبي الاحزاب ( حيث لم اواجه ذلك شخصيا كعضو حزبي سابق ) بل على العكس من ذلك شاهدت بيروقراطية حزبية داخلية مملة و محبطة و تقود الى تراجع في العمل الحزبي و تمنع المواطنين من الاقبال على العمل الحزبي حتى و لو كان من باب التطوع لكون البيروقراطية الحزبية الداخلية لا تسعى لتصحيح مفهوم العمل الحزبي لدى المواطنين و بالتالي تبقى الرهبة و تبقى احزابنا تمل ذات المفهوم السلبي لدى المواطنين الى ما لانهاية .
و ليس صحيحا ما يردد بان الحكومة تمنع تغول الاحزاب داخل الجامعات ... فهنالك حزب اردني ( نعتذر عن ذكر اسمه ) و يعتبر مجرد ذكر اسمه لدى الحكومة مصدر قلق و ازعاج , استطاع ان يتغول داخل الجامعات الاردنية قاطبة من خلال حملة تدافع عن حقوق الطلبة " ذبحتونا " و لا يشترط ان يكون منتسبيها اعضاء من ذات الحزب .
فالحكومة - و الحديث هنا ليس مدحا للحكومة بقدر ما هو تفسير منطقي للواقع سيمكننا من وضع ايدينا على مكامن الخلل التي تقف عائقا امام حصول التنمية السياسية و الحزبية في البلاد ... و لعل وجود ذلك الخلل يشكل مصدر سعادة للحكومة ذاتها لانه لا يعقل ان تقف الحكومة كموقف المتفرج امام وجود احزاب قوية و منظمة و تعمل بجد و نشاط و لذلك الموضوع حديث اخر منفصل .
و بالعودة الى محاسن الحكومة الاردنية فهي تقدم تمويلا ماديا سنويا للاحزاب لتعينها على تاسيس كيانها و الانفاق على مصاريفها الراسمالية .
و الحكومة لا تمنع حصول الاحزاب على هبات و منح و تبرعات من الاشخاص الطبعيين و لم تحدد سقفا محددا لمجموع ما تحصل عليه فبامكان الاحزاب ان تجمع عشرة مليون دينار ان ارادت من متبرعين و لكن ماذا ستفعل بها و كيف سيقتنع الممول او المتبرع ان هذا الحزب او ذلك سيجتهد بامواله !!!
و الحكومة ارادت ان تساهم في تنمية الحياة السياسية و الحزبية فانشئت لذلك الغرض وزارة متخصصة للتنمية السياسية !!!
و باتت تسمح منذ سبع سنوات تقريبا للمراكز و المنظمات الاجنبية بالعمل داخل الاردن لتنفيذ برامج توعية و تنمية سياسية و ديمقراطية.
و امام كل ذلك نجد تقاعسا عن العمل الحزبي و تنميته فمن المسئول عن تنميته ؟
لقد شاهدنا خلال سنوات مضت العديد من الشواهد التي تؤكد مسئولية احزابنا الاردنية عن ذلك التقاعس , فمن مدونة سلوك حزبية تقدمنا بها في وقت سابق لم يجتمع عليها الا سبعة احزاب اردنية لا غير من اصل 22 حزبا اردنيا في ذلك الوقت رغم ان الاحزاب المستنكفة عن الحضور لم تقرا حتى مضمون المدونة لتقرر جدواها من عدمه ! و لم يقدم اي حزب العذر عن استنكافه لانه سيكون اقبح من الذنب الذي ارتكبه !
اضف الى مسمعك ان ذات الاسماء التي نسمع بها او نقرا عنها لامناء عاميين احزاب اردنية هي ذاتها لا تتغير مع مرور الزمن و لو كان تحظى بحقها في التسيًد من خلال الانتخابات الداخلية كما يشاع او من خلال التزكية فالتنمية المستديمة تتطلب على الدوام قيادات متجددة كقاعدة اساسية لحصولها .
لماذا تتحمل الاحزاب الاردنية المسئولية المباشرة عن تراجع التنمية الحزبية ؟حتى و لو كان وجود التقاعس يصب في مصلحة الحكومة في نهاية المطاف لبقائها ضعيفة و غير نشطة و مشتتة , و هذا راي نقتنع به شخصيا - حيث ان وجود بعض امناء عاميين يديرون الاحزاب كمكاتب خاصة لهم يديرونها كيفما شاؤا دون رقيب او حسيب او مسائلة داخلية مع علم و دراية حكومية بذلك دون تدخل - فان الاحزاب الاردنية تتحمل مسئولية مباشرة عن ذلك التقاعس و من ذلك نبين اوجهها و اليات حلولها .
1- ينبغي على الاحزاب الاردنية ان تستغل هامش الديمقراطية المتاح للتحرك و تبدا بنشر برامج توعية حزبية تشجع المواطنين على الانتساب و الانخراط في العمل الحزبي و توضح ان المفاهيم التاريخية قد زالت بزوال الظروف التي كانت تحيط بها و ان هنالك قانون احزاب يشجع على العمل الحزبي بل و هنالك وزارة متخصصة تعنى بتنميته بل و هنالك دعما ماليا حكومية باتت تدفعه الحكومة من اجل تنميته .
لقد وصلنا الى قناعة تامة حتى لحظة اعداد هذه الرسالة بانه بينما تدور معارك طاحنة في بعض بلداننا العربية كما نشاهد في مصر و سوريا و العراق و غيرهم فاننا في حزب الخضر الاردني نعيش في معارك طاحنة متمثلة في إقناع المواطنين العادين بان الانخراط في العمل الحزبي لن يتسبب لهم بالضرر !!!
2- ينبغي على الاحزاب ان تكون ديمقراطية و تؤسس بنيانها على اسس ديمقراطية لان ذلك سيقوي موقفها و رأيها و مؤيديها و مؤازريها و سيجعل جميع الاعضاء فاعلين لا مجرد اسماء تذكر في طلب التاسيس ليكونوا مجرد ارقام .
فالحزب الديمقراطي هو الحزب الذي يحدد وظيفة و صلاحيات اعضاءه مما يدفعهم للعمل حسب ما اوكلوا به لا بان تترك جميع الصلاحيات بيد الامين العام لوحدة و لا رأي يذكر او يؤخذ به لباقي الاعضاء . فالامين العام ان مالت كفته تجاه موقف حكومي معين فان الحزب برمته مع ما يتضمنه من اهداف و غايات و اختلاف في الراي بين الاعضاء قد مالوا تجاه ذلك الموقف تلقائيا .
3- ينبغي على الاحزاب الاردنية ان تسعى لرسم برامج متنوعة و لا تقتصر على البيانات و الخطب السياسية . و ان تسعى لتاسيس دائرة متخصصة تعنى بدراسة متطلبات و حاجات المجتمع سواء كانت ثقافية او صحية او تعليمية او اجتماعية و بناء على ذلك تقوم برسم و اعداد برامجها و تسعى للبحث عن متبرعين و لا اعتقد ان هنالك انسان عاقل يمقت سماع كلمة " حزب " يمتنع عن تقديم مساعدة له من تنفيذ برامج لخدمة المجتمع المحلي .
4- ينبغي ان تجتمع الأحزاب الاردنية جميعها و على اختلاف فكرها الذي تتبناه على مصلحتها في البقاء و في التطور و ان تعي خطورة بقائها ضعيفة و مشتتة لان ذلك سينقلب عليها في المستقبل كسمعة و في ضعف في الترويج لفكرها و برامجها , فالتواصل بين الاحزاب الاردنية شبه معدوم و لا يذكر الا باعداد محدودة و لا تجتمع مع بعضها البعض مطلقا الا اذا كان هنالك اجتماع رسمي مع الحكومة مما يؤكد حالة الضعف و التشرذم الذي تعيشه احزابنا الاردنية .
فاتفاقها على راي موحد في قضية معينة و لنقل مثلا : السماح بالحصول على تبرعات من اشخاص اعتباريين ( الشركات ) سيفرض على الحكومة ان تتعامل مع راي الاحزاب لكونه يمثل واجهة التمكين السياسي في الاردن ... و حتى فيما لو رفضت الحكومة مثلا ذلك الطلب فانه بامكان الاحزاب و من خلالها اجتماعها على موقف معين او تبنيها لقضية معينة ان يجعل مجلس النواب او الاعيان يتبنى هذا الموقف او القضية .
فالاحزاب الاردنية بحاجة الى تشكيل لوبي ضاغط فيما لو ارادت ان تملك زمام الامور و مفاتيح القوة , و لا يمكن باي حال من الاحوال ان نجد حزبا اردنيا قويا دون ان يكون له سند حزبي متين . فالحكومة قادرة على حل اكبر حزب اردني فيما لو ارادت حتى و لو كان جبهة العمل الاسلامي كمثال لكونه اكبر الاحزاب الاردنية شعبية و قادرة على امتصاص ردة الفعل و قادرة على الشحن ضده فيما لو ارادت و لكني على يقين تام بان الحكومة غير قادرة مطلقا على حل الاحزاب الاردنية او حل احداها فيما لو كان هنالك اجماع حزبي موحد .
5- ينبغي على احزابنا الاردنية اذا ما ارادت ان تتطور و تتواصل مع المجتمع الاردني ان تسعى لتطوير وسائل الترويج لنفسها الكترونيا بان يكون لكل حزب موقعه الالكتروني الخاص به و صفحاته الاجتماعية و الاهم من ذلك ان يكون لديه وسائل اتصال واضحة و متعددة .... فكم واحد منا مثلا يعرف اين يقع مقر جبهة العمل الاسلامي على سبيل المثال ؟ و استطرد ذكره لكونه الاشهر بين احزابنا الاردنية .
6- و ينبغي على احزابنا الاردني فيما لو ارادت ان تروج لفكرها و انشطتها و برامجها و لذاتها ككيانات سياسية ان تقيم التحالفات مع جميع مؤسسات المجتمع المحلي خصوصا الإعلامية منها لان الاعلام اثبت انه العين الساهرة و الآمنة على مصالح الوطن و المواطنتين فلا بد من اقامة التحالفات مع جميع قطاعات المجتمع و كياناته الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الاعلامية .
بذلك تخطو احزابنا الاردنية كما لتامل خطوات عملية سريعة و موزونة تحقق لها مكاسب جمة , و لتكن بدايتها الجديدة من حيث انتهى الاخرون , فهو افضل من عدم السير الى الامام و هو افضل من النأي بنفسها عن خدمة المجتمع , و تحميل الحكومة مسئولية ذلك التقاعس - الذي نكرره للمرة الثالثة - لكون ذلك التقاعس يروق للحكومة سماعه و لا باس لديها من تحميلها وزر تراجع العمل الحزبي و تنميته ما دام يبقي احزابنا ضعيفة و هشة و مشتتة .
الخضر الاردني و الانطلاقة الجديدة
في الحقيقة لا اخفي احدا انني تعلمت كثيرا من تجاربي الحزبية السابقة و من اطلاعي المستمر المفعم بغبطة كبيرة لما وصلت اليه الاحزاب السياسية في الدول الاخرى ( الديمقراطية ) و كم كنت سعيدا و زملائي المؤسسين لحزب الخضر الاردني لحصولنا على الموافقة الرسمية للبدء بمزاولة الانشطة الترويجية للحزب . كما و لا اخفي على احد كم كنت و نحن نرسم ملامح الحزب الاولية اتصف بالديكتاتورية العادلة التي تدافع عن قيمها و مبادئها بشراسة و استماته , و وضعت كل مبادئي و احلامي التي اؤمن بها لقناعة تامة لدي ان اساس الحزب يكمن في التصورات التي يضعها المؤسس لا في النظام الداخلي فكان الى جانب خروجنا بنظام اساسي ديمقراطي واضح الرؤية و المهام و الصلاحيات بدات بمعالجة ما تطرقنا اليه سابقا من عيوب تعتري العمل الحزبي , فكانت البداية بتعريف مسمى الامين العام للحزب و تحديد صلاحياته و واجباته و تحديد فترة رئاسته للحزب و التي قيدت باربع سنوات فقط لا غير على دورتين .
و حتى يكون الحزب قويا ... كان لا بد من تفعيل دور اعضاءه فأنيطت كامل الصلاحيات الى مجلس امانة الحزب واستحدث مراقب الحزب القانوني( على غرار مراقب الدولة في الدول الديمقراطية ) ليكون وكيلا و امينا و حريصا على ديمومة الممارسة الديمقراطية داخل الحزب و الذي اوكل اليه مهمة التوصية بعزل الامين العام في حال تغوله على صلاحيات مجلس امانة الحزب .
ختاما ... اؤمن شخصيا بان الحزب القوي انما هو قوي ببنيانه و اساسه الديمقراطي لا بما يملكه من امكانيات مادية او بما يتمتع به من شعبية او مستوى الرضى الذي يحظى به او عدد الاعضاء الذين يمثلونه ممن حظوا بصفة معالي و وزير .. فمثل ذلك الحزب لا انظر اليه على انه عمل حزبي بالمفهوم العلمي و العملي للاحزاب بقدر ما يشكله من برواز ديمقراطي معلق جميل الشكل .
No comments:
Post a Comment