يفرض الواقع نفسه بالقول أن إرادة التغيير الحكومي هي السائدة عند الحديث عن أي إنتخابات رئاسية كانت أم برلمانية أو حتى البلدية منها , و مهما حاولت الحكومات العربية من محاولات لإستقطاب الناخبين وتشجيعهم على المشاركة تحت شعار " مارس حقك الدستوري " و مهما تقوم به من إدعاءات و وعود لإجراء الإنتخابات النزيهة , إلا أن إرادة التغيير الحكومي هي النافذة لا محالة , حسبما تقرره و تريده هي لا حسب ما يطمح إليه دعاة التغيير الحقيقي , في مجتمعات لم تتذوق طعم الديمقراطية و لم تستنشق عبيره منذ مئات السنين .
واقعنا الحالي هو واقع حكومي لا واقع تغيير و مشاركة بين دعاة التغيير و حالمي المستقبل الافضل , فالماكينة الحكومية أفضل أداءا ً و إمكانيات مما يملكه دعاة التغيير ... قوانيين تشَرع تحت غطاء حماية الانتخابات و نزاهتها ... سلطة تنفيذية تطوع لخدمة الإرادة الحكومية .... وسائل اعلامية جاهزة و مستعدة لقلب الحقيقة و لكتم أفواه المعارضة ..
فلا عجب أن يخرج الإخوان المسلمين في جولتهم الإنتخابية الإولى في الإنتخابات البرلمانية في مصر بدون إي مقعد برلماني في بلد تبلغ فيه نسبة المسلمين 90% و يملك الإخوان هنالك قاعدة شعبية لا تقل عن 40% من مجموع المؤازرين .؟!
و حال الإنتخابات و وضع الإخوان المسلمين في مصر ليس إلا مثالاً مكرراً لما يتواجد في المجتمعات العربية و ينعم به رواد الإنتخابات في الدول العربية , و إرادة التغيير للحكومة المصرية ليست إلا مثالاً تقتدي به حكوماتنا العربية .
لن يكون هنالك تغيير حقيقي في مصر أو في أي بقعة عربية و لو أطبقت السماء على الارض . فمشكلة الشعوب العربية لا تكمن في شخص الرئيس مبارك و حسب , حيث من الممكن أن يأتي من هو أسوأ منه أو من يساويه في درجة السوء , حتى و إن كان يشغل منبر الإصلاح و هو بين قاعدته الشعبية .
مشكلتنا تكمن في ثقافتنا و مفهومنا للتغيير , و لا أعتقد بأننا لو كنا نملك ثقافة مؤهلة للتغيير لرضينا بما يحدث من إستهتار لإرادة الشعوب و الضحك على الذقون ...فنحن لم نعي ماهية التغيير و ماذا نريد منه و لم نرسم له أجندة واضحة المعالم بعد . فكيف نطالب إذا بالتغيير ؟
لو كنا دعاة تغيير حقيقيين لبدئنا من القاعدة .... المجتمع.....من العامل البسيط و من الفلاح و من الموظف و من رب الاسرة , و ليس من البرلمان كنقطة لبدء التغييرحيث يكون التصادم مع الإرادة الحكومية و مع الماكينة الاعلايمة المجيشة لخدمة اهداف و ارادة الحكومة .
إن ارادة التغيير الحقيقية بدأت برجل واحد في صدر الاسلام الاول فكيف بنا بوجود ملايين النشطاء و دعاة الاصلاح في مصر و في العالم العربي في وقتنا الحاضر .
نحن بحاجة الى دعاة تغيير حقيقيين لننشد ذاك التغيير الحقيقي , يبدأ عمله من القاعدة بنشر مفهوم و ضرورة بناء ثقافة التغيير الذي تصنعه إرادة الشعوب .
التغيير الحقيقي ليس كما نراه في عالمنا العربي للاسف حالياً من دعاة أحزاب و مدونيين و نشطاء و سياسيين يختلفون في وجهات النظر ليس إلا مع رأي الحكومة و لن تعدو المسألة عن ذلك دون إحداث التغيير المطلوب .
التغيير الحقيقي إن وجد أهدافه و رسمت له الأجندة الواضحة سيكون قادراً على إحداث التغيير الحقيقي بعد أن تكون العقول قد نضجت و ترعرعت في بيئة نظيفة و نزيهة و قد ترسخت ثقافة التغيير في ذهن جيل باكمله سيعتمد عليه في بناء التغيير .
حينها لن تكون هنالك قوة على الأرض قادرة على وقف زحف التغيير الحقيقي و السلمي و الشعبي ... لا حكومة و لا قوات أمن
No comments:
Post a Comment