7/11/2015

رأفةً بالإسلام السياسي يا دولتنا

" أخشى ما اخشاه أن نكون قد أمنا مكر الله بنعمة الأمن و الآمان التي نعيشها , فتأتينا عواقب الأمور على غفلة و نحن لا نشعر , فما أمن مكر الله إلا القوم الغافلون , الخاسرون "
عندما نتحدث عن سياسة دولة فاننا نتحدث في الخلاصة عن قرارات يصدرها أشخاص باسم الدولة بالانابة عن ستة ملايين مواطن اردني  , يختلط المزاج بالهوى أحياناً كثيرة في بعض تلك القرارات كما حصل مؤخراً في  أزمة الدولة مع جماعة الإخوان المسلمين , , يفترض ان دستورنا  قد كفل لهم حق حرية التعبير و ممارسة العمل السياسي و عدم تجريمهم بسبب ممارسة تلك الانشطة او إنتساب البعض لهم . ضاربين بقراراتهم آمال و تطلعات شريحة واسعة من الشعب بعرض الحائط.


لقد اتسم عمل جماعة الاخوان المسلمين في الأردن منذ نشأتها بالعمل السياسي – الإجتماعيو الدعوي السلمي و نبذ العنف و التطرف و لم يستثمروا شعبيتهم السياسية و الإجتماعية و الدينية لزعزعة أمن و إستقرار النظام و الوطن , رغم أن الدولة كانت و مازالت تنظر اليهم كشاذين فكرياً و غير مرغوب و مرحب بهم  داخل دوائر صنع القرار .
أياً كانت مخططات دولتنا العزيزة و أيا كان أطراف الصراع و أيا كانت الوسائل المستعملة , فإن ما تمارسه الدولة و تطبقه و تحيكه ضد جماعة الإخوان المسلمين إنما هو إرهاب فكري و سياسي مخالف للدستور و للأنظمة و ردة عن الاصلاح و ترسيخ للقبضة الأمنية و تمييع للإسلام السياسي خصوصاً عندما تجري بنجاح عملية ولادة قيصرية لجماعة جديدة منشقة عن الإخوان , على ما يبدو أنها لن تكون مستقلة الإرادة و الحركة و ستستظل قراراتها و سيتمحور فكرها داخل عباءة سياسة الدولة طالما أن العديد من رجالات الدولة الحاليين و السابقين قد باركوا نشأتها و ألقوا على مسامعنا الإسلام السياسي المعتدل ؟! في أسوأ عملية إستنساخ و تشويه للإسلام السياسي على مر التاريخ .
فلماذا ذلك الصدام المباشر المدروس و المبيّت و الذي ينفّذ بروية ضد جماعة الإخوان المسلمين ؟! التي ما زالت مع من بقي من البقية الباقية من بعض شرائح المجتمع تتمسك بالاسلام السياسي و تعض عليه بالنواجذ .
في نظرة سريعة لأرشيف سياسة دولتنا العزيزة خلال العقدين الاخيرين و بعيد كل قرار سياسي و قانون جديد و إجراء مطبق يرى الكثيرين ان الكثير من تلك السياسات لا تصطدم فقط مع التيارات السياسية الإسلامية و القومية و إنما باتت تصطدم مع التيار الشعبي غير المسيّس , و باتت تلك السياسات و القوانين و الإجراءات تسلخنا عن إسلامنا و روح تعاليمه رويداً رويداً , قانوناً قانوناً , إجراءً إجراءً ؟! في سباق محموم مع الزمن و صراع مع الواقع لدوتنا في مواكبة الحضارة و بناء الدولة المدنية على حساب القيم و الاخلاق و روح الاسلام و تعاليمه .
فالاسلام ليس مجرد نص دستوري يُشار اليه , و ليس مجرد بث مباشر لمواعيد و مواقيت الصلاة عبر التلفزيون الرسمي , و ليس بصندوق معونة وطنية بديلاً عن لجان الزكاة التي تشرف عليها جماعة الإخوان المسلمين , و ليس الإسلام بمسابقة رمضانية أو مسابقة سنوية لقراءة القرآن الكريم , بديلاً عن ألاف حفظة القرآن المخرجين سنوياً , و الاسلام السياسي ليس مجرد وزارة للأوقاف يقتصر دورها على تسيير رحلات الحج و العمرة , بل بناء لدور عبادة و نشر للدعوة و نصرة لقضايا الوطن و المواطن . فكل ما سبق باتت تشرعه دول العالم لأقلياتها المسلمة التي تعيش على أرضها .
اتمنى أن لا ينسى هؤلاء الأشخاص الذين يصدرون تلك القرارات بإسمنا أننا دولة إسلامية , عربية , يعتنق غالبية مواطنيها الدين الاسلامي و نرغب بوجود تيارات سياسية اسلامية تمثلنا كمسلمين , و من حق بعضنا ان يؤيد و يدعم جماعة الاخوان المسلمين .
إن ممارسة الاسلام السياسي و الانتساب إليه و الدعوة إليه حق سياسي , و واجب أخلاقي و ديني لبعضنا كوننا ولدنا مسلمين و لا خيار أخر لنا بالردة عنه أو التحول إلى المسيحية أو اليهودية أو العلمانية و لا يرغب بعضنا بالإنحلال الثقافي و الأخلاقي و العيش بلا قيم .
على الاغلب و غالبية المواطنين لا نطالب بإجراء إستفتاء شعبي مثلاً حول مستقبل الاسلام السياسي او جماعة الإخوان المسلمين فذلك مصطلح سياسي لم تعتد الأذن على سماعه و لم نعتد على ممارسته في المشهد السياسي و بالكاد نعرف معناه .
على الاغلب أننا لا نطالب بفصل السلطات و تحديد المسئوليات و سمو الدستور و تغليب سلطة القانون تفادياُ للمزاجية في اصدار القرارات و السياسات , فنحن نثق بصناع القرار لدينا ...
على الاغلب أننا لا نطالب الدولة بتطبيق الإسلام السياسي في الحياة العامة حتى لا نصطدم مع القرية الكونية المنفتحة علينا ثقافياً و حضارياً و جنسياً .
نحن فقط ... لا نريد لإسلامنا الإهانة و الإهمال و لا نريد لوطننا سوى الأمن و الآمان الحقيقي , و لا نريد لأجيالنا اللاحقة ان تنشأ في دولة مدنية متحضرة على حساب الجهل بتعاليم دينها و كانها تنظر إلى من بقي على نعمة الاسلام كشخص غريب غير مرغوب فيه , و لا نريد للأردن ما حصل في مصر الشقيقة من إنقسام و صراع سياسي و إجتماعي داخلي .
نريد لتلك الشريحة أن تمارس حقها الدستوري في ممارسة انشطتها دونما تضييق كباقي دول العالم التي تحترم الاحزاب و الجماعات الدينية لديها كإسرائيل و إيران كأفضل نموذج . حيث يغدقون عليهم بالدعم و الإمتيازات .
نريد فقط أن نأمن مكر الله , لا كما يعتقد البعض بأن نعمة الأمن و الآمان التي نعيشها إنما هي رضى و بركة من الله مع وجود ردة عن مسار الاصلاح و فساد و و فقر و أمراض إجتماعية و ظواهر سلبية منتشرة  , خشية أن تأتينا عواقب الأمور عن غفله و نحن لا نشعر .

حمى الله الأردن و شعبه و وفق ملك البلاد بالبطانة الصالحة لما فيه خير البلاد و العباد .

No comments:

More Labels

2012 مقالات حقوق الانسان العدالة الإجتماعية 2011 احزاب ثورات الغضب الشعبية حملات تضامنية 2014 فساد صور 2015 إعلام الانسان العربي courses certificates online دورات سياسة 2013 أفلام 2008 جرائم ضد الانسانية اديان 2010 حزب الخضر الأردني فلسطين الشرق الاوسط منقول تعليم التمييز العنصري الشباب العربي برامــج سلسلة قانون تراجيديا 2016 ديمقراطية press 2007 ENGLISH media اطفال مصطلحات حقوقية وثائق 2006 تنمية كتب مذاهب سياسية اعلان حريات حقوق تائهة تدوين حرية تعبير 2005 الانتخابات العنف تعذيب دليل دراسي ورش عمل 2009 الإنترنت حقوق المواطنة فكر الإخوان المسلمين البيئة المرأة جوائز حقوق الانسان رسائل شعر و أدب إنساني مظاهرات نشطاء حقوق اللاجئين green policy ارهاب اعلام الحروب الحرية الشفافية العراق المقاومة تقارير جامعات حماس اغاثة العدالة العنف الجامعي اليوم العالمي ايران تنمية سياسية عنف اعتقالات الجزيرة العشائرية ثورة العبيد سلام ويكيليكس Ecology اجندة حقوق الانسان اكراد الإمبريالية الامم المتحدة اليوم العربي انتخابات بروشورات حقوق الاقليات حقوق المعاقيين صحافة مبادرات معاهدات و اتفاقيات 2016 certificates ISIS interview إضراب الاستبداد البرنامج النووي البطالة السلطة الرابعة الغام الملكية الفكرية جامعة الدول العربية حقوق سياسية دراسات سياحة عقوبة الإعدام قافلة شريان الحياة مجلس النواب مدونة سلوك مقابلات منح