9/18/2008

أين تكمن قيمة الإنسان؟


23/8/2007
يظن الكثير من الناس أن قيمة الإنسان تكمن في ما تفضل الله تعالى عليه من علم ومواهب ونعم كالأموال والمواقع الاجتماعية والرسمية البارزة والشهادات العلمية ولذلك فإنهم يتعاملون معهم على هذا الأساس
ويقدمون لهم كل آيات الاحترام والتمجيد بل يصل الأمر أحيانا لدرجة التقديس غير إن هؤلاء ينقسمون إلى فئتين فئة تقوم بذلك عن جهل معتقدين أن هؤلاء هم النموذج المحتذى بسبب الشعور بالنقص إزاء المستلزمات التي يمتلكونها وكانت سببا لتبوئهم تلك المواقع أما الفئة الأخرى فإنها تؤدي هذا الدور تملقا عن علم مسبق لتحقيق مصالح شخصيه وفي نفس الوقت قد يضمر بعض أفراد هذه الفئة لهم الحسد أو الحقد او حتى الاحتقاروهذا المعيار لايمكن أن يحتذي به لأنه غير قائم على أساس علمي أو منطقي
فالعلم والمنطق يعدان أن قيمة الإنسان تكمن في مقدار المنفعة التي يقدمها للناس وعدد المستفيدين من هذه المنفعة وكذلك في مقدار الضرر الذي يرفعه عنهم وعدد المشمولين بذلك
ولذا فإننا نعتقد بان العالم سواء كان في العلوم الدينية أم في العلوم الدنيوية ليس له أية قيمة تذكر مهما بلغ علمه مالم يوظف هذا الخزين العلمي وهذه الموهبة الربانية في خدمة أبناء جلدته من خلال التصدي للمشاكل والمعضلات التي يواجهونها من اجل جعل حياتهم أفضل ودفعها باتجاه الازدهار والرفاهية بوتيرة متصاعدة ومستمرة وصولا إلى اكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس ، وتكون القيمة اكبر كلما اتسعت دائرة الاستفادة إلى أعداد أخرى ومجتمعات أخرى ، وإن لم يفعلوا ذلك فما هو فضلهم على الآخرين وما هو فرقهم عن الجهلة والأميين
والحقيقة أن ما يؤسف له ويبعث على المرارة والألم والحزن معا هو ما نعيشه كعرب ومسلمين من واقع مأساوي بسبب التخلف والانحطاط والتمزق والتناحر حد الحسد والحقد والكراهية فيما بيننا ما منح أعداءنا فرصة على طبق من ذهب لينفذوا مآربهم فأصبحنا مهزلة واضحوكه لهم ولعبة بأيديهم يتقاذفونها أنى ومتى شاءوا ، دون وازع من أخلاق أو علم أو دين يردعنا ، أو أدنى شعور بالمسئولية تجاه الوطن والأمة لإنقاذ هما من هذا الوضع المخزي اللهم إلا بالتفنن في تهميش وإقصاء بل وحتى القتل والتهجير بابشع الوسائل وأقساها لبعضنا البعض من اجل القضاء على الرأي الآخر واحتكار كل شيء
ويا ليت القائم بهذا الفعل يجني شيء من ذلك غير خدمة العدو المشترك الذي يستهدف الجميع ويحرض الجميع ضد الجميع ليحصد الثمار في آخر المطاففيما يحمل البعض منا دون وجه صواب الأعداء مسؤولية ما أصابنا ، ولا ندري كيف نطلب من عدو أن يرحمنا ولا نرحم نحن بعضنا البعض الآخر، وما ينسحب على العلماء ينسحب على الأثرياء والشخصيات السياسية والاجتماعية والحكومية البارزة إلا أن المسؤولية الأكبر تقع على العلماء لأنهم لا يستوون مع الآخرين كونهم الطبقة المتعلمة والمثقفة وبالتالي القائدة في المجتمع ولو القينا نظرة بسيطة على ما موجود في بلادنا العربية من علماء وشخصيات ومثقفين وأثرياء لوجدنا أعدادا تحسدنا كل الشعوب عليها ولو القينا نظرة أخرى على مشاكلنا وعلى ما نعانيه من تخلف وجهل ومرض وانتهاكات للحقوق والحريات الفردية والجماعية وتمزق خطير للنسيج الاجتماعي على كل المستويات في الجسد الوطني والقومي والديني لتوصلنا إلى استنتاج خطير ومثير يؤكد أن مجتمعنا خالي من أي مما ذكرنا بل على العكس من ذلك فقد تأكد لدى القاصي والداني أن ما نتوفر عليه هم علماء وأثرياء وشخصيات تمسك بالمعاول وتهدم بما تبقى من آثار لكيان ورقي اسمه وطن وأمة وتوظف بنفس الوقت مواقعها وامكانياتها لتحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة العامةوهذا الوصف التراجيدي لم ينبع من فراغ ولا ينم عن نظرة سوداوية فلا يجوز أن نيأس من رحمة الله عز وجل ولا يعني في كل الأحوال أننا عدمنا الأخيار
ولكن للباطل كما يقال عضلات قويه والأخيار أول المستهدفين وليس أمام شعوبنا من سبيل إلى النجاة إلا بالتوحد والتصدي للأشرار بأي لون أو شكل أو صفة جاءوا فقد تبين الرشد من الغي والخيط الأبيض من الخيط الأسود ولاعذر بعد اليوم لكل قادر أن يؤدي ما يقدر عليه ولتتوقف اختلافات العرب والمسلمين جميعا واقتتالهم على كل المستويات الوطنية والقومية والدينية وليدرك الجميع أن الذي يحدث بينهم الآن تنفذه أطراف ثالثه ضد هذا الطرف أو ذاك تاركة بصمات الطرف الآخر على الجر يمه لإشعال الفتنه وإيقادها وتغذيتها وليس للمواطنين يد أو دور فيه عدا الأشرار ممن ذكرنا والمنحرفين وشذاذ الآفاق أو بعض من تنطلي عليه اللعبة ويبتلع الطعم فلا يتحمل حجم الضرر الكبير الذي يلحق به فينساق خلف عواطفه وشهواته دون رؤية أو رويه فيصدر عنه ردة فعل ضد إخوانه ومن دون أن يعي أو يدرك أن ما يفعله هو المطلوب وهو الذي يريده الأعداء على الرغم من إن ماتتناقله وسائل الإعلام في كل لحظة يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ما يحصل يستهدف وحدة الشعب والأمةمما تقدم اننا يجب أن نقيم الإنسان على مقدار ما يصدر عنه من قول أو فعل يجلب نفعا أو يدفع أذى أو الاثنين معا وعلى مقدار هذا النفع أو الأذى المدفوع وعلى عدد المستفيدين من ذلك في حين تكون القيمة مساوية بالمقدار ومعاكسه بالاتجاه عند حدوث الفعل المناقض الذي يجلب الضرر ويمنع دفع الموجود منه بدلا من جلب المنفعة

No comments:

More Labels

2012 مقالات حقوق الانسان العدالة الإجتماعية 2011 احزاب ثورات الغضب الشعبية حملات تضامنية 2014 فساد صور 2015 إعلام الانسان العربي courses certificates online دورات سياسة 2013 أفلام 2008 جرائم ضد الانسانية اديان 2010 حزب الخضر الأردني فلسطين الشرق الاوسط منقول تعليم التمييز العنصري الشباب العربي برامــج سلسلة قانون تراجيديا 2016 ديمقراطية press 2007 ENGLISH media اطفال مصطلحات حقوقية وثائق 2006 تنمية كتب مذاهب سياسية اعلان حريات حقوق تائهة تدوين حرية تعبير 2005 الانتخابات العنف تعذيب دليل دراسي ورش عمل 2009 الإنترنت حقوق المواطنة فكر الإخوان المسلمين البيئة المرأة جوائز حقوق الانسان رسائل شعر و أدب إنساني مظاهرات نشطاء حقوق اللاجئين green policy ارهاب اعلام الحروب الحرية الشفافية العراق المقاومة تقارير جامعات حماس اغاثة العدالة العنف الجامعي اليوم العالمي ايران تنمية سياسية عنف اعتقالات الجزيرة العشائرية ثورة العبيد سلام ويكيليكس Ecology اجندة حقوق الانسان اكراد الإمبريالية الامم المتحدة اليوم العربي انتخابات بروشورات حقوق الاقليات حقوق المعاقيين صحافة مبادرات معاهدات و اتفاقيات 2016 certificates ISIS interview إضراب الاستبداد البرنامج النووي البطالة السلطة الرابعة الغام الملكية الفكرية جامعة الدول العربية حقوق سياسية دراسات سياحة عقوبة الإعدام قافلة شريان الحياة مجلس النواب مدونة سلوك مقابلات منح