12/31/2012

حول اوراق النقاش الملكية : اعتقد انها اخطات التاويل .

جاءت ورقة النقاش الأولى التي يكتبها و ينشرها جلالة الملك ضمن سلسلة اوراق نقاش ملكية تدعو الى الحوار الوطني للخروج ببرنامج او على الاقل برؤية اصلاحية مشتركة , بشكل هي اقرب إلى الفضولية منها إلى الواقعية ... فما استوحيته من قرائتي لورقة النقاش الاولى و التي حملت عنوان " مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة " ان المخاطب هنا مجتمع متمرس على العمل السياسي و مرتوي حتى الثمالة للمبادىء الديمقراطية و أن ما يعكر صفاء هذا المجتمع إنما هي سحابة صيف عابرة نشات نتيجة صراع طارىء بين اقطاب السياسة لدينا ,  اختلفت رؤاهم و و جهات نظرهم حول مستقبل الأردن و كيفية إدارة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها و مواطنيه .

لم يخطر ببالي ان جلالة الملك يتحدث في ورقته الأولى عن المجتمع الاردني , فخلال قرائتي لمضمون ما جاءت به الورقة , و التي تطرقت الى ضرورة تحديث الديمقراطية الأردنية و تجديدها  من خلال الحوار و المشاركة البناءه بين الناخب ( المواطن ) و المرشح ) أننا نتحدث عن إحتقان سياسي - اقتصادي  قد تسبب به المرشح الكريم او النائب السابق او نواب المجالس السابقة  للمواطن المسكين !!!
و لا ندري بالفعل هل كان هنالك بالاصل لدينا نواب حقيقيون  ليمثلوا المواطن و قد  قصروا فعلا في ادائهم لواجبهم و خانوا ثقة الناخبين و المواطنيين حتى ينشا مثل ذلك الاحتقان او الصراع الذي تخيله جلالة الملك واضعا نصب عينيه الداء السحري و الفعال للخروج من هذه المعضلة بالدعوة الى الحوار و من ثم الحوار المتمدن  و من ثم  الحوار الديمقراطي بين الناخبين و المرشحين لتشكيل مجموعة من التفاهمات حول واجب و مسئولية كل من الناخب ( المواطن ) و المرشح ( النائب ) .
و كان عجلات مؤسسات الدولة و قوانينها تعمل بأفضل أداء لها و انها غير مسئولة أبدا عن اي نوع من انواع الفساد او عن الازمة السياسية او الاقتصادية التي تعصف بالأردن .
و لا يصح براي الشخصي ان يسلط جلالة الملك على تطوير الممارسات الديمقراطية للمجتمع الاردني لكون تلك الممارسات لا تصدر عفويا او اراديا من المجتمع و افراده ما لم تتواجد مؤسسات ديمقراطية بالاصل كمجلس نواب منتخب - حكومة نزيهة - استقلال القضاء - احزاب فاعلة وقوية . حينها و مع نمو و ازدهار العمل السياسي يمكن القول ان الممارسات الديمقراطية بحاجة الى تطوير ... فالممارسات هنا انعكاس لصورة نمط الحياة السياسية و اداء مؤسسات الدولة و ليست مواد  معلبة يمكن تناولها في اي وقت و عند الحاجة .
و التطوير الذي ينادي به جلالة الملك انما يصلح لدولة مارست و طبقت بالفعل تنمية سياسية حقيقية و تراجعت لفترة من الفترات و لظروف خاصة .

اعتقد ان ورقة النقاش الاولى كان يتوجب ان تحمل العنوان العريض و الافتراضي لرؤية جلالة الملك حول الاصلاح و هو الدعوة الى بناء اسس المملكة الجديدة ضمن النظام الملكي الهاشمي ... بالحوار و العمل المشترك .
فلا ضرر من المكاشفة و الاعلان صراحة عن حاجة الأردن الى اعادة تقنين و إعادة هيكلة مؤسساته .
و لا ضرر من الاعلان عن حاجة قضائنا لمزيد من الاستقلالية .
و لا ضرر من الاعلان عن تطبيق فعلي و حقيقي و علني لرفع الأحكام العرفية .

براي الشخصي اننا لا نحتاج الى المبادىء الديمقراطية دون تهيئة البيئة المناسبة ( بناء اسس المملكة الجديدة ) فتلك المبادىء ستضرنا كمواطنيين و ستضر الأردن كوطن مع تزاحم الآراء و عدم إحترامها لأراء الأخرين .
ستتطور و تترسخ المبادىء الديمقراطية في قيمنا و سلوكنا و عملنا بالتزامن مع  بناء اسس المملكة الجديدة لا محالة . فلما الاستعجال على قطف ثمار غير يانعة و ناضجة لن يجد المواطن من طعمها الا العلقم .
ختاما ... و براي الشخصي ان حاجتنا الى المملكة الجديدة ضرورة قصوى لمواكبة تطور الحضارات و الفكر البشري , هذا ان لم يكن من باب القضاء على البيئة التي سهلت من ترعرع الفاسدين و تعطيل برامج الاصلاح .

12/11/2012

لوحة " إستغاثة الإنسانية "

كثيرة هي الصور و الحكايات التي تسجل و توثق مأساة الشعب السوري و معاناته اليومية مما يواجهه من قتل و تشريد و هدم و تخريب لكل ما ينبض بالحياة ... في محاولة لمسح حضارة بشرية من الوجود , تماماً كما سقطت انسانيتنا لاول مرة في بغداد على يد المغول و كما سقطت إنسانيتنا للمرة الثانية في الاندلس جراء محاكم التفتيش , و ها هي تسقط مجدداً في دمشق .
لا اعلم ما الذي شدني و اعجبني في هذه الصورة ... فهي تعبر عن الجانب السلبي لإنسانيتنا  ... اعتقد ان ما اعجبني و شدني لهذه الصورة أنها تعبر عن إستغاثة الإنسان لاخيه الإنسان ... ربما من أجل قطرة ماء ... او ربما من أجل تخفيف الألم عنه ... او ربما لشيء اخر لا يعلمه إلا الله ...
بالفعل هذه واحدة من أجمل ( للأسف أقولها ) ما رأته عبناي لما يوثق سقوط إنسانيتنا و حضارتنا المدنية ...
هذه الصورة رسمها الواقع السوري المؤلم و لربما وجدنا معاناة أخرى تضاهي ما تعبر عنه هذه الصورة

12/10/2012

كل عام و حقوقنا أفضل حالاً ...

يصادف اليوم العاشر من كانون الاول لهذا العام و من كل عام الاحتفال العالمي بيوم حقوق الانسان و فيه نتطلع و نتامل بان يكون عامنا القادم افضل حالاَ مما كانت عليه عامنا المنصرم .
ان تطلعاتنا و آمالنا لمستقبل افضل حالاً بغض النظر عن المستوى الذي نتمتع به حالياً من حقوق إنما هو نتاج تطورنا الاجتماعي و الفكري و نتاج الانفتاح الثقافي و الاقتصادي و العالمي الذي تشهده حضارتنا المدنية و ليس لمجرد إشباع الغريزة و الفطرة الانسانية .
فحركة الحقوق حركة مستمرة لا تتوقف نهائياَ و يفرض ذلك علينا كدول و كمنظمات مجتمع مدني و كأفراد إلتزامات بعضها ادبي و بعضها الاخر قانوني , فما تفرضه حركة نمو الحقوق الطبيعية على الدول من إلتزامات يمكن إيجازه بما يلي :
1.   الوقوف على مستوى مؤشر التنمية ( صعوداً او نزولاَ ) بالنسبة للدول , خصوصاً تلك الدول التي تتبنى معايير حقوق التنمية و علاقتها بمستوى حقوق الإنسان لدى مجتمعاتها , و هذه المعايير تسهم في تحفيز الافراد و القطاع الخاص نحو المشاركة و العمل و خفض نسبة الهجرة الخارجية و بالتالي تحقيق نمو في مؤشر التنمية البشرية  .
2.   كما و يفرض على الدول مراجعة موقفها المستمر و الدائم من تقريرها المحلي و الذي يصدر عادة من المراكز الوطنية و الاهلية للوقوف على مستوى و نوع الانتهاكات و طبيعة الحقوق التي يجب ان تركز عليها كدولة سواء بالتشريعات او بتطبيق اجراءات تنفيذية كفيلة بمنع حدوث الانتهاكات .
3.   كما و يفرض ذلك على الدول ايضا ً الوفاء بالتزاماتها الادبية و القانونية تجاه الإتفاقيات و المعاهدات الدولية و  التاكد من سلامة موقف الدولة من تلك الاتفاقيات .
4.   تبني سياسة تعليمية منهجية ضمن النظام التعليمي يسهم في نشر ثقافة و مبادىء حقوق الانسان ... و هذا الالتزام يفرض ادبيا على الدول النامية بخلاف الفقرة الاولى التي تفرض ادبياً على الدول المتطورة ديمقراطية .
اما ما يترتب على مؤسسات المجتمع المدني من إلتزامات فيمكن ايضاً ايجازها بما يلي :
1.   الوقوف على مستوى نمو الحقوق الطبيعية داخل المجتمع و الاشارة الى مستوى الانتهاكات و العمل على نشر ثقافة التوعية من خلال رسائلها و وسائلها المتعددة و المعتمدة .
2.   التعاون مع المؤسسات العامة المعنية بمجال تنمية الحقوق الطبيعة لمواجهة تدني مستوى الحقوق لبعضها .
3.   التمدد الأفقي في نشر ثقافة حقوق الانسان و التوعية بها .
و بالنسبة للإلتزامات التي تترتب على الافراد و الفرد هنا يمثل الغاية و الهدف و الحلقة الاهم في حركة النمو الطبيعي للحقوق و يتأثر بشكل مباشر سواء سلباَ او إيجاباً بتلك الحركة فإن جل الإلتزامات تقع عليه و منها لا على سبيل الحصر :
1.   حركة الوعي الفكري لدى الافراد باهمية الوقوف على ما يتمتع به فعلياً من حقوق و ذلك يسهم بشكل او باخر في تطوير و تغذية حركة النمو الطبيعي للحقوق و يساهم في إنشاء الحراك الحقوقي كما و يساهم في تحفيز المجتمع المدني و مؤسساته الاهلية على تبني مطالب الحراك الحقوقي .
2.   الثقافة الذاتية و التوعية المستمرة بماهية الحقوق خصوصاً تلك التي تمس واقعه الحياتي ( طبيعتها و أنواعها) و اهمية و ضوابط الحقوق و ذلك يشكل رافداً لا ينضب للافراد بما يتعلق بثقافة حقوق الانسان و ضوابطها . يمكنه من عدم إنتهاك حقوق الاخرين و إحترام خصوصية كل حق و المطلبة بحقوقه المنتقصه .و الاهم من ذلك انه يسهم في تأثير الشخص المثقف حقوقياً داخل عائلته و بين أفراد أسرته و ضمن مجتمعه المحلي المصغر ( الشركة المدرسة المصنع ... الخ ) .
3.   المشاركة التفاعلية كأفراد و كمشاركة مع المؤسسات الاهلية داخل المجتمع المدني خصوصاً عند ممارسة الحقوق السياسية . سواء كانت مشاركته سلبية ام إيجابية .
في ختام هذه المناسبة الكريمة التي تذكرنا على مدار العام كم من الواجب و من التضامن و من التعاون يجب علينا ان نقوم به مع بعضنا البعض تجاه كوكبنا و جنسنا البشري . متمنياً عاماً أفضل حالاً لمن إعتبر العام المنصرم كان سيئاً و متمنياً لهم المزيد من الحقوق الطبيعية و الدستورية ( بإعتبار انه يساهم تلقائياً في تبنيه لحماية حقوق المجتمع ) و بالنسبة لمن لا يتطلعون الى القوانيين و دساتير بلدانهم لحماية حقوقهم كون حقوقهم باتت متجذرة و مستقرة , فاتمنى لهم عاماً طيباً و سعيداً .

12/08/2012

نحن و جماعة الإخوان المسلمين ,,, كلانا علمانيين بفكرين مختلفيين

عزيزي القارىء . سأكون ممتناً لك كثيراً إذا تمحصت في غاية رأينا ... فالعتب الموجه لجماعة الإخوان المسلمين فيما يلي و من خلفها جماعاتنا الاسلامية يأتي على قدر تقديرنا و إحترامنا لشخصهم و لإنتمائهم الحزبي الذي يعملون من خلاله.

حينما أشاهد و أبحث في التحديات و الصعوبات الجمًة التي تواجهها جماعاتنا الاسلامية في عالمنا العربي و كيف تهيأت بعض الجماعات لاستلام دفة الحكم في بعض الدول و كيف تتهيأ البعض الاخرى لاستلام زمام السلطة في الدول التي باتت أنظمتها آيلة للسقوط أو على وشك . أجد تفسيراً واحداً لما يحدث عن السبب الذي يقود جماعاتنا الاسلامية و خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين منهم للصدام و الإختلاف مع الرموز و التيارات السياسية الوطنية و بالتالي مع الشارع و الرأي العام في نهاية المطاف . و هو ما سبق أن أشرنا اليه بالتحديات و الصعوبات الجمًة .
فالحال ينبًأ بأننا كشعوب عربية , للأسف ,  لن نتفق و فكر جماعتنا الإسلامية فيما لو إستلموا إدارة شئون الدولة و لسنا بحاجة لأن نجد مبرراً كالذي يقول بأن أيادي خارجية تدخلت قد لإشعال فتيل الأزمة بيننا و بينهم , فأحياناً كثيرة قد نختلف معهم و لسبب واحد تافه يكون كاف لخلق نزاع بل و لتأجيج الشارع برمته و قد تصل - و هذا ليس بالأمر الغريب - إلى نزاع مسلح و للأسف .
نحن و جماعة الإخوان المسلميين نخوض صراعاً فكرياً , أشبه ما يكون بلعبة شد الحبل , الغالب و المنتصر فيه من يؤثر بفكره على الأخر و يجذب الطرف الأخر إليه و يؤثر فيه. و لكن الغريب في هذا الصراع ( اللعبة ) انها لا تنتهي بروح رياضية كما في الالعاب الرياضية و إنما بروح غير رياضية على الأغلب . هو صراع بين رأي يدعو إلى أسلمة المجتمع و الدولة أو القبول بالواقع العلماني للدولة و للسواد الأعظم من مواطنيها . فعلمانيتنا كمواطنيين ترعرعت و نمت داخل فكرنا مع نمونا الطبيعي , فارتوينا من فكر العلمانية حتى الثمالة , و دعونا ننسى لبرهة من الوقت و لنجرد افكارنا من العواطف الجياشة و النبيلة تجاه حبنا و انتمائنا العفوي للإسلام و لننسى ايضاً ان خانة الديانة في بطاقاتنا الشخصية قد دمغت بكلمة الاسلام و لنترك جانيا اننا نسمى بمحمد و عمر و عثمان و علي , و نطلقها على ابنائنا بحكم العادة المحكمة. فكل ذلك سرعان ما ننساه و على الاغلب نتناساه حينما تستلم الجماعات الاسلامية سدة الحكم و ادارة شئون المجتمع و الدولة .

أما جماعاتنا الاسلامية ... اصحاب فكر و منهج سليمين و لكنهم – و ساسمح لنفسي بالتجني عليهم - ليسوا بدراية تامة و كافية حول كيفية إدارة شئون وزارة أو مجتمع او دولة .... ففكرهم الاسلامي السليم في واد و مفهوم التطبيق العملي لديهم لهذا الفكر داخل المجتمع في واد آخر بعيد كل البعد عما تدارسوه و فهموه . و ليس لهم أي أمل في النجاح و الاستمرار في السلطة إلا إذا تحولوا نحو الفكر العلماني – متاجرين بإسم الدين - حتى يضمنوا الإستقرار و الثبات دون حدوث أية قلاقل بالقاف و ليس بالفاء حتى لا يتحول الامر و كأنه خليط للفكر كما تختلط عجينة الفلافل , و بذلك تكون علمانيتهم قد جائت بعد إستلام السلطة و إدارة شئون الدولة .

فتطبيق احكام الشريعة بين ليلة او ضحاها في مجتمع يميل سواده الأعظم الى تبني الفكر العلماني و تدار دولته و مؤسساتها بفكر و قوانيين و وسائل علمانية سيؤدي لا محالة الى خلق صدام مع القوى و التيارات السياسية التي ستلجاً الى شحن الشارع و تاجيجه ضد الجماعات الاسلامية  التي لا ترى في استخدام العنف اي مانع للحيلولة دون تطبيق احكام الشريعة . رغم ان الامر برمته قد يفسر من التيارات السياسية على انه اعتراض على قانون و ليس على احكام الشريعة ذاتها !!! في تحايل و خداع واضحين و علنيين على أنفسهم و على الدين و المتاجرة بإسمه .

لعل جماعتنا الاسلامية أخطات كثيرا و كثيراً , حينما قررت السعي نحو سدة الحكم مستمدة إرادتها و عزيمتها نحو ذلك من ارادة الحق الطبيعية و من المبادىء الديمقراطية التي تنادي بحق التعبير و حق الانتخاب و الترشح و تولي المسئوليات , غافلة - أو بالأحرى تعي جيداً – أن  المجتمع لا يقبل بسواده الاعظم بوجودها للاسف الشديد . و لا داعي هنا لاعادة التكرار بان هذا السواد يكنى بمحمد و عمرو عثمان و علي و ان خانة ديانته داخل بطاقته الشخصية مدمغة بكلمة الاسلام .

بل لعلها أخطأت كثيراً و لم تعي الحكمة الإلهية من بقاء النبي محمد صلى الله و عليه و سلم في مكة لمدة ثلاثة عشر سنة ( اكثر من المدة التي قضاها في المدينة حيث تشكلت الدولة الاسلامية بمفهوم الدول) يدعو الناس ليلاً و و نهاراً الى الاسلام . بان الحاجة الى تاسيس مجتمع إسلامي يعد شرطاً اساسياً و وحيداً لتبوأ السلطة و لتثبيت الاستقرار و الإستمرار دون مواجهة اي صدامات مع المجتمع . و لا داعي هنا لوضع اللوم على اسرائيل او امريكا او الغرب او صندوق النقد الدولي كالعادة كشماعة للفشل و لتعليق الاخطاء . فلا وجود لرأي او لدور يقال عن فتنة خارجية او ايادي شيطانية او لتدخلات خارجية ... فلب المشكلة يكمن برأيين مختلفين و متعارضيين على الدوام يعيشان داخل ادمغتنا و داخل بيتنا و مجتمعنا و دولتنا و قوانا السياسية , يتعارضان كثيرا و يلتقيان قليلاً عند إلتقاء المصالح .

فجماعاتنا الاسلامية اكتفت بدور تحفيظ القرأن الكريم لبضعة ألاف من الطلبة و لم تنجح كثيراً بالاندماج داخل الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الفنية و الرياضية خاصتنا كمواطنيين و كمجتمع لتكون لنا مورداً لا ينضب من الثقافة و الأدب و التوعية , فحصرت للأسف جل اهتمامها و تركيزها في العمل السياسي متخذة دور المعارض البارز احياناً كثيرة و دورالناقد اللاذع احياناً اخرى و بين ذلك و ذاك حاولت مراراً ان تجري إنقلابات عسكرية في عدد من الدول بائت جميعها بالفشل . و نسيت أن قاعدة شرعية هامة تقول بأن الامور لا تولى لمن يطلبها !!!

ففي ظل غياب تنشئة و تأسيس للفرد و للمجتمع الاسلامي سيستمر هذا الصراع و المعنون بالسياسي و باختلاف الراي الديمقراطي بين الجماعات الاسلامية و في مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين ... مع الاب و الاخ و ابن العم و ابن القرية و المجتمع و البلد ... حرب اختلاف فكر يتخذ عنواناً متحضراً له يدعى حرية التعبير عن الرأي , سرعان ما سيقودنا إلى نزاع و دمار و خراب ... فما حدث بين الفلسطيين ( القتال و الاختلاف بين حركتي فتح و حماس )  و ما يحدث في تونس و في السودان و في مصر  .

هو نزاع بين فكرين مختلفين جذرياً ... فإما ان يتبنى الشارع برمته بما يضمه من أقليات و أعراق و مذاهب ثقافية و سياسية , الفكر الاسلامي و  تقفل جميع البنوك و المصارف و تغلق محلات الالبسة و المطاعم و تمنع غير المحجبات من الخروج الى الشارع و تمنع المواطنيين من الاستماع إلى الأغاني و يتم وقف الاستيراد و التصدير و إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الدول المعادية للاسلام كالدول الأوروبية و الولايات المتحدة و تمتنع عن إقامتها مع الدول الملحدة كالصين و كوريا و اليابان و يعود البعض منا ليركب الدابة كوسيلة نقل مبدئياً , حتى نتمكن من صناعة وسيلة نقل خاصة بنا .... و إما أن  تتحول حماعة الاخوان المسلمين و إن كانت تعمل و تظهر تحت مسميات حزبية إلى الفكر العلماني و تقبل بإقامة العلاقات الدبلوماسية مع دول الكفر و تقبل بالتعامل مع صندوق النقد الدولي و توقع على الاتفاقيات التي تدعو الى حرية الوصول الى المراة و حماية الاسرة .

و بين ذلك التحول و ذاك لا يوجد خيار ثالث لجماعاتنا الاسلامية إلا بالاصلاح من القاعدة ( المجتمع ) و أن تصبر كما صبر النبي و اصحابه حتى يتحول المجتمع بسواده الاعظم من صاحب فكر علماني إلى صاحب فكر إسلامي ... حينها داعي و لن يكون هنالك حاجة لان تسعى جماعة الاخوان المسلمين الى السلطة ... لان السلطة ببساطة ستاتيها عنوة ... كون الظروف باتت مهيأة لها .

لا يمكن الادعاء كثيراً – و إن بدا و كان ذلك - ان سبب الصدام مع المجتمع مرده الى وجود فتنة و ايادي خارجية نافين صفة العلمانية عن السواد الاعظم من ابناءه و لا يمكن الادعاء بان قلة التجربة السياسية و الخبرة في ادارة امور الدولة هي السبب ايضاً ... فعلمانيتنا لم تكن وليدة الامس و انما هي متجذرة منذ قرون مضت .

كما لا يمكن التعويل على نجاح التجربة التركية و ان كانت اكثر استقرارا من تجربة الجماعات الاسلامية في عالمنا العربي فالتجربة التركية الناجحة سببها قبول الحكومة بعلمانية الدولة و حكمتها في اتخاذ القرار على الدوام فهي غالبا ما تبحث عن الوقت المناسب و الظروف المواتية لاتخاذ القرار قبل ان تفكر بالقرار ذاته . ناهيك عن ان التجربة التركية نجحت من خلال برامجها الاجتماعية و الاقتصادية و قبل ان تستلم زمام السلطة في تركيا و تخوض الغمار السياسي .

فحزب العدالة و التنمية و من قبله حزب الفضيلة و من قبله حزب الرفاه المنحلين كانوا نشطين جداً في المجال الاجتماعي و الاقتصادي داخل المجتمع التركي و لو سألنا واحدة من عاهرات إسطنبول التائبات عن سبب اتجاهها نحو الفضيلة لقالت لك بأن برنامج المساعدات و الإرشاد و التوعية الذي كان يقوم به حزب الرفاه هو السبب في تغيير مجرى حياتها ... و هذا ليس الا مثالاً عن تفكير هذا الحزب و نموذجا مثاليا من احد برامجه المتعددة في المجالات الاجتماعية  الاقتصادية مما اكسب الحزب شعبية كبيرة جدا خصوصا في العاصمة الاقتصادية اسطنبول و باقي المدن التركية .

يختلف الحال لدينا سواء في الاردن او في باقي دولنا العربية فجماعاتنا الاسلامية التي خاضت صراعا مريرا مع الحكومات لاثبات وجودها ... فأحزابنا الدينية التي تشكلت حديثاً ليس لديها أية برامج إجتماعية او إقتصادية او ثقافية  أو بيئية او صحية أو فنية بإستثناء برنامج واحد و هو بالطبع سياسي بحت , إلى جانب الدور التقليدي للجماعات الدينية ممثلاً بإنشاء دور تحفيظ القرآن الكريم .

لقد أنجزت جماعاتنا الاسلامية و جهدت فيما عملت و تعمل و تسعى إليه و لكنهم إستعجلوا خوض مضمار سباق الرئاسة و السلطة متجهين و إيانا كمجتمع و كدولة نحو مغامرة لسنا و إياهم بقادرين على تحمل مسئولياتها و عواقبها فيما لو حدثت أية حرب أهلية لا قدر الله , و ذلك ليس بالأمر المستبعد و الغريب عن عادات و تقاليد بني جلدتي " بني يعرب " المشهورين بالفراسة و رمي الرمح .

و حديثاً و بعد تحول الجماعات الإسلامية نحو العمل الحزبي نفاجأ بسعيهم الحثيث سواء عبر آرائهم و بياناتهم و مقالاتهم نحو كسب السلطة كبديل اوحد و و حيد لتطبيق الاصلاح و مكافحة الفساد بدون ان يهيوأ أنفسهم و إيانا كمجتمع لمرحلة الدستور الاسلامي و الدولة الاسلامية و الشارع الاسلامي  فيما لو قدر لهم أن يتبوأ السلطة ...فالمتتبع للمواقع الالكترونية ( بإعتبارها رسالة الحزب للقارىء و بوصلة برامجه) او لما تتبناه من انشطة عملية على أرض الواقع يجدها تخلو من البرامج التي تلامس هموم و مطالب الشارع و الرأي العام .

فمن سمع عن تبني أي جماعة او حزب ديني منذ نشأتها لمسائل (بإستثناء الوقت الراهن فيما تمر به بلداننا العربية حيث باتت جميع القوى السياسية تستعمل همومنا و مشاكلنا اليومية كغطاء و كوسيلة كسب للرأي العام ) مثل : التأمين الصحي , حقوق الإنسان , الضمان الإجتماعي , حقوق العمال , البطالة , النظام التعليمي , إرتفاع الاسعار , الفقر , الإسكان ... الخ . مع التنويه إلى أن مسائل البيئة على سبيل المثال بالنسبة لدولة كالأردن هي مسائل مهمة جداً يكاد الزمن سيتوقف عندها يوماً  ما .


الطريق صعب جداً و مليء بالعثرات و الصدامات امام جماعاتنا الاسلامية فيما لو أرادت تبوأ السلطة و قد تنجح في ذلك ... و لكننا لا ندعو و لا نقبل بمبرر " الغاية تبرر الوسيلة " فالرهان هنا على مستقبل دولة بأكملها و على شعب بأكمله . بل الرهان على أن فكر الجماعات الإسلامية  سينقلب إلى علماني مع مرور الزمن ليتم تحليل ما كان محرماً قبل زمن .

الطريق واضحة المعالم و منارة جيداً لجماعاتنا الاسلامية و هي ذات الطريق التي سار عليها الرسول محمد عليه الصلاة و السلام ...  البدء ببناء المجتمع الاسلامي و عدم التعويل كثيراً على الموالين من الشارع و الرأي العام ... فولائهم عاطفي بحكم الانتماء الديني ليس إلا , و ليس عملي يعتد و يرتكن عليه ... فهو سرعان ما يفتر و ينقلب .

12/07/2012

في سوريا الأطفال يعلمون جيداً ماذا يعني لهم اللون الأحمر ( صورة)

أطفال سوريا باتوا على وعي مبكر جداً بمعنى اللون الاحمر , فهو بالنسبة لهم ليس لونا مائياً يستعمل للرسم و ليس لوناً جميلاً لبعض الألعاب ,,, اللون الاحمر لهم بات يعني فقط " الدم " باتوا يعون جيداً أنه متى رأوه فقد فقدوا أحد والديهم او اشقائهم او أقاربهم او احد أصدقائهم في المدرسة او في الحي حيث كانوا يلعبون معاً ...
في الحقيقة ... إن أطفال سوريا لا يغسلون الدم و لكنهم يغسلون عار صمت البشرية و المجتمع الدولي , ليس إلا .

12/05/2012

بإمكانك ان تقول لا للرقابة الصارمة على الانترنت


ابتداء من اليوم، تجتمع حكومات العالم خلف الأبواب المغلقة لمناقشة مستقبل الإنترنت. بعض الحكومات تريد زيادة الرقابة والضبط على الإنترنت قل لها أن تتركها حرة freeandopen بتوقيعك العريضة: http://goo.gl/VEJU5


More Labels

2012 مقالات حقوق الانسان العدالة الإجتماعية 2011 احزاب ثورات الغضب الشعبية حملات تضامنية 2014 فساد صور 2015 إعلام الانسان العربي courses certificates online دورات سياسة 2013 أفلام 2008 جرائم ضد الانسانية اديان 2010 حزب الخضر الأردني فلسطين الشرق الاوسط منقول تعليم التمييز العنصري الشباب العربي برامــج سلسلة قانون تراجيديا 2016 ديمقراطية press 2007 ENGLISH media اطفال مصطلحات حقوقية وثائق 2006 تنمية كتب مذاهب سياسية اعلان حريات حقوق تائهة تدوين حرية تعبير 2005 الانتخابات العنف تعذيب دليل دراسي ورش عمل 2009 الإنترنت حقوق المواطنة فكر الإخوان المسلمين البيئة المرأة جوائز حقوق الانسان رسائل شعر و أدب إنساني مظاهرات نشطاء حقوق اللاجئين green policy ارهاب اعلام الحروب الحرية الشفافية العراق المقاومة تقارير جامعات حماس اغاثة العدالة العنف الجامعي اليوم العالمي ايران تنمية سياسية عنف اعتقالات الجزيرة العشائرية ثورة العبيد سلام ويكيليكس Ecology اجندة حقوق الانسان اكراد الإمبريالية الامم المتحدة اليوم العربي انتخابات بروشورات حقوق الاقليات حقوق المعاقيين صحافة مبادرات معاهدات و اتفاقيات 2016 certificates ISIS interview إضراب الاستبداد البرنامج النووي البطالة السلطة الرابعة الغام الملكية الفكرية جامعة الدول العربية حقوق سياسية دراسات سياحة عقوبة الإعدام قافلة شريان الحياة مجلس النواب مدونة سلوك مقابلات منح