قد تجد متعة كبيرة و انت تحلم و لكنك قد تتفاجأ بان ترى الحلم يمضي بسرعة

لعله من المؤسف ان لا يكمل حزب الخضر الاردني مراحل تأسيسه النهائية في دولة هي بأمس الحاجة لوجود مثل هذا النوع من الاحزاب المتخصصة ذات اهداف إنسانية نبيلة تدعو الى سلام و استدامة و تنمية و نبذ العنف , تصلح للتطبيق في اي وقت داخل أي مجتمع ,,, كمذهب و كمنهج و كفكر سياسي – إجتماعي – بيئي – إقتصادي غايته و هدفه خدمة الإنسان ذاته بما يحمله من افكار و برامج و سياسات خضراء غايتها خلق توازن عام في سياسات الدولة التي تغلًب مصلحة المجتمع دون ان تمس حقوق الافراد و بدون ان تتجاوز حقوق الدولة و قوانينها .

لقد كان خطا كبيرا و فادحا للدولة الاردنية عندما رفضت فكرة إنشاء حزب الخضر الاردني في سبيل إزاحة حجر عثرة امام طريق تنفيذ البرنامج النووي الأردني في وقت ترحب كل دول العالم بوجود هذه الاحزاب على اراضيها و في وقت يروج الاردن لنفسه على انه دولة تحترم حقوق مواطنيها و تسعى لانفتاح عالمي و المساهمة في بناء سلام إقليمي و اممي , بل على العكس من ذلك و للاسف  وضع الاردن امام هذا الحزب الوليد العديد من العراقيل ابتداء من دفع البعض للتشهير بالحزب عبر وسائل اعلامه الرسمية رغم انه لم يمضي على تاسيسه اكثر من شهر و لم تتضح معالم فكره  !!!  و  مرورا بالضغط على الحزب من اجل ثنيه عن عقد مؤتمر الاحزاب الأردنية الرافضة للبرنامج النووي و الذي عقد بتاريخ 09/11/2013 ( و هذه حقيقة لم تذكر من قبل حينما طلبت الجهات الأمنية و قبل انعقاد المؤتمر ببضع ايام من المؤسس عبر الهاتف ان يلغي المؤتمر بحجة ان اوضاع البلاد لا تسمح باقامة معارضة جديدة من هذا النوع و لكن المؤسس لم يفصح حول تلك المكالمة و لم يبلغ الجهة المنظمة و المستضيفة للمؤتمر خشية الغاء المؤتمر او الاعتذار عن استضافة لقاء الاحزاب المجتمعة ) و اخر سلسلة تلك العراقيل كانت بالضغط على المؤسس بتاريخ 25/11/2013 لثنيه عن عقد اجتماع الاعضاء المؤسسين الذي كان من المنوي عقده في مجمع النقابات المهنية  بسبب معارضة الحزب للبرنامج النووي الاردني .

لقد كان تاسيس حزب الخضر الاردني فكرة جميلة و عملية نظرا للحاجة الملحة لمثل هذا النوع من العمل الحزبي داخل الاردن و بدات افكار الحزب تتبلور منذ مطلع العام 2010 حيث دعا المؤسس وقتها الى تاسيس هذا الحزب و لكن قانون الاحزاب الاردني لعام 2007 و قبل التعديل الذي طرا عليه في العام 2012 كان يشترط حصول الاعضاء على شهادة عدم محكومية كشرط اساسي للعضوية في الحزب و هذا مما اجل الفكرة لفترة من الزمن و اعادة احيائها مجددا بعد  تعديل قانون الاحزاب الاردنية في عام 2012 الذي ألغى الشرط السابق .

لقد كنا و منذ لحظة التفكير في تاسيس هذا الحزب نعي جيدا ان العمل على تاسيس و اطلاق فكر حزبي جديد و غير تقليدي في الاردن كحزب الخضر المختلف في ايكولوجيته  و افكاره يتطلب منا الوقت و الجهد الكبيرين للإعداد لبرنامجه الذي تتمحور افكاره و مبادئه و أهدافه حول السياسة الخضراء  لتكون صالحة وجاهزة للتطبيق بما لا يتعارض مع القوانين داخل الاردن و لا يتداخل عمله في عمل الجمعيات البيئية التي يحكمها قانون الجميعيات  و تختلف عن الأحزاب في مفهومها و نطاق عملها و آلياته .

كما أن نظامه الداخلي أخذ منا جهدا كبيرا و مضنيا عند الغعداد له و تم مقارنته و مراجعته مرارا و تكرارا قبل الاعلان عنه ليكون جديدا و مغايرا لانظمة الاحزاب الاخرى بما يكفل تحديد المسئوليات و الواجبات لاعضاء الحزب و قوننته بمادىء الحكومة الرشيدة لضمان بناء حزب قوي تصدر منه قرارات ديمقراطية , ليعكس بالمجمل رؤية الأحزاب الخضراء الاكثر ديمقراطية في العالم .

و تبنى الحزب سياسة الحداثة و التطوير و التجديد في الترويج لافكاره  و برامجه حينما إختار شعارا ينتمي لفئة الاحزاب الخضراء من حول العالم و من منطلق ايمانه بنشر السياسة الخضراء داخل الاردن و تحويل الاردن الى اخضر استعان بخارطة خضراء للاردن لتتوسط ذلك الشعار الاخضر المكلل بالاوراق الخضراء , كما و اعتمد الحزب رؤية مستقبلية بحتة للعمل و من ذلك المنطلق تبنى عبارة انتمي للمستقبل .

لقد مرت السنون الثلاثة سريعا و نحن نجهز و نعد للبنات و اساسات الحزب الاولى و بات الحزب جاهزا للعمل و الانطلاق حتى قبيل انتهاء الفترة التحضرية للحزب و التي تمتد لغاية 22/01/2014  حيث نشط الحزب الكترونيا من منطلق تاكيده على اهمية التواصل و الاتصال الالكتروني فكان اشبه ما يكون بدائرة الكترونية – اعلامية – اجتماعية نشطة .

كل ما حصل و واجهناه من عراقيل و تحديات مر علينا مرورا سريعا و بات كشريط ذكريات و لعل الاكثر فائدة لنا و التجربة العملية الأكثر نجاحا لنا و التي استخلصنا منها العبر هي ان المناخ السياسي لدينا في الأردن غير مهيأ بالفعل للأحزاب الأردنية للعمل الحزبي الجاد و الغير تقليدي مهما روجت الدولة لذلك و مهما سنت من تشريعات و مهما اطلقت من دعوات فما ذلك الا مجرد دعوات لا يتبعها اي اجراء ديمقراطي حقيقي واحد .

لقد اردنا من خلال تاسيس هذا الحزب اطلاق ابواق عالية منتظمة و وفق القانون للمطالبة بتطبيق مبادىء العدالة الاجتماعية و حماية حقوق المجتمع الاردني و الدفاع عما تبقى لنا من مصادر بيئية و نشر التوعية حول اهمية المحافظة عليها  .

لم نكن من الباحثين عن المناصب السياسية رغم اننا ننادي بتمكين الحزب سياسيا ليكون قادرا على تحقيق اهدافه ... لقد جئنا ببساطة من رحم المجتمع الاردني و معاناته لا من عالم رجال السياسة و المال, و لعل ذلك ما افقدنا قوة استراتيجية للصمود بشكل اكبر و افضل امام العراقيل و تجاوزها بسهولة .

و بعد ...

ما اشبه الامس باليوم ... حلم جميل حاولنا ترجمته الى واقع اجمل فلم يكتب لنا النجاح رغم اصرارنا على تحدي المصاعب و تجاوز العراقيل و كنا نخرج اكثر قوة و اصرارا عندما نتجاوز العقبة تلو الاخرى الى ان وصلنا الى مرحلة لم نعد من خلالها قادرين على اكمال مسيرة الحزب لشعورنا بان الامر لم يعد يتعلق بقرار شخصي للمؤسس بقدر ما بات يعتبر قرار يتعلق بسلامة اعضاء اخرون شاركونا هذا الحلم الجميل في فترات لاحقة بعد الحصول على الموافقة الامنية لممارسة الانشطة التحضيرية بتاريخ 22/07/2013 فكان لا بد لنا من تقديم تنازلات كبيرة و سريعة مقابل عدم الافصاح عن اسمائهم تحت الضغط و التهديد .

نعم ... اعتقد اننا كنا على صواب عندما تنازلنا تحت ظروف قاهرة عن متابعة حلمنا الجميل خوفا على سلامة الاعضاء الذين كانوا تواقين اكثر منا لحضور المؤتمر التاسيسي و تركنا من خلفنا حلم و تعب و طموح بتحقيق حلم جميل لوطن اجمل من خلال حزب مثالي بافكاره القريبة من فكر الانسان و الطبيعة و تم ذلك بهدوء و روية و اختير عنوان جميل لهذا التنازل و لهذا التوقف المفاجىء هو ... عدم مناسبة الظروف للعمل !!! بعد ان راينا ان كل تلك الضغوطات و الترهيبات تتخذ باجراء بسيط جدا غير آبهة بتعب و كد و جهد كل تلك السنين التي مرت .