ظاهرة جديدة لانتهاك حقوق النساء ... ظاهرة طبية الكترونية مشروعا قانونا ؟؟
وأد البنات إلكترونيا
نقلا عن جريدة عكاظ السعودية
ذكرت جريدة «المدينة» (16150) أن مراكز طبّية تستغل ولع الخليجيين بإنجاب الذكور بـ«وأد البنات إلكترونياً». وأن هذه المراكز لجأت إلى حيلة لجذب السياح الخليجيين الذي يرغبون في إنجاب الذكور دون الإناث عبر استخدام تقنية (PP.G) التي تقضي على الكروموزوم المسئول عن تحديد نوع الأنثى (X) والإبقاء على الكروموزوم (Y) الذي يحمل نوع الذكر. وهو ما يعني إحياء للعادة الجاهلية التي حرّمها الإسلام بوأد البنات ولكن عبر التكنولوجيا الطبّية المعاصرة.
وكالعادة انبرى من يحرّم استخدام هذه التقنية العلمية الطبّية الجديدة ويطلق عليها دون تفكير وأد البنات، هذه العادة التي بدأت في شمال الجزيرة العربية ولم تكن منتشرة في قريش وقد أتى القرآن على ذكرها في معرض لوم هذا الفعل بقوله تعالى: (وإذا الموءودة سُئلت بأي ذنب قُتلت)، مختلفاً مع الدكتور مرزوق بن تنباك الذي ألغى هذه الظاهرة.
ونقضها من أساسها وأنها كذبة ووهم لفقها الرواة للعصر الجاهلي وذلك في كتابه (الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة)، رغم وجود النص القرآني الصريح إضافة إلى المتواترات في كتب الحديث والفقه والروايات الإسلامية.إن رفضنا للتقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع والذي يشهده العالم من حولنا مردّه أن عقولنا تأبى هضم أي جديد فنسارع دون تروٍّ إلى تحريمه وتجريم فاعله، فالاستنساخ رفضناه في بداية أمره، حرّمناه شرعاً وأطلقنا سهامنا المسمومة ضده، كما هو الحال بالنسبة لأطفال الأنابيب.
كما حرّمنا الجوال الذي يحمل الكاميرا وتقنية البلوتوث وأصدرنا فتوى بها، كما قام المحلّلون والمحرّمون من تلقاء أنفسهم بتحطيم «الدشوش» وفي النهاية كانوا من أكثر مستخدميها، وقائمة التحريم طويلة (لو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض). هذا التحريم الذي يطلقه البعض دون دليل إنما يسيء إلى الفقه الإسلامي ويجعله ضيّقاً متبرماً بكل جديد لا يستطيع تقبله وهضمه والتعايش معه رغم قوة هذا الدين ومتانته فقد واجهه ما هو أكبر وأكثر من مخترعاتنا الحديثة هذه.
عند انطلاق جيوش الإسلام إلى فارس والروم وحدود الصين ودخول أمم الأرض إلى هذا الدين أفواجاً وذلك إذا ما حسبنا عامل الزمن وظروف البيئة والمعيشة آنذاك بما ركن إليه هذا الدين من أصول قواعد فقهية وأصولية.إن التقنية الجديدة لإنجاب الذكر دون الأنثى ليست بحرام بل لها أصل في الدين ومعنى أوسع وأشمل من هذه التقنية المكتشفة. فقتل الكروموزوم المسئول عن تحديد نوع الأنثى (X) الذي هو عبارة عن خلية تحمل مواصفات الكائن البشري لا يمكن القول بأنها كائن حي، فهذه الخلية لم يتم تخصيبها ولا روح فيها، فهل يمكن أن نقيس خلية بكائن حي.
إن الأصل الشرعي في جواز قتل هذه الخلايا. الأحاديث المروية في (فتح الباري) بشرح (صحيح البخاري) (9/305) باب العزل عن جابر أنه قال: كنّا نعزل والقرآن ينزل. وعن أبي سعيد الخدري قال أصبنا سبياً فكنّا نعزل فسألنا الرسول فقال: «أو إنكم لتفعلون ـ ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلاّ هي كائنة». وفي (مسلم) لو كان شيئاً يُنهى عنه لنهانا القرآن.
وعبارة (والقرآن ينزل) أي أن رسول الله بين أظهرنا.والمشهور لدى الأصوليين وعلماء الحديث أن الصحابي إذا أضاف القول إلى زمن النبي كان له حكم الرفع وهذا مما يعطي الحديث قوة كما قال بذلك ابن الصلاح لأن النبي اطلع على ذلك الأمر وأقرّه ولو كان حراماً لحرمه في وقته.
كما روى ابن الزبير أن رجلاً أتى رسول الله فقال إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل، فقال: «أعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدّر لها». فرسول الله أقرّهم على العزل وهو في معناه الواسع قتل الكروموزوم الأنثوي والذكري على حد سواء حتى لا يتم الحمل وخلق الجنين داخل الرحم.
إن هذه الخلية ليست مخصّبة فكيف يحرم قتلها فهو في حقيقته قياس باطل لأن الموءودة في الجاهلية كائن حي قائم بروحه وهذه خلية لا روح فيها، فالقياس هنا مع الفارق قياس باطل، علاوة على أن عِلّة الحياة غير موجودة.
وفي هذا دلالة على إباحة تحديد النسل في الإسلام كما أجاز الفقهاء الإجهاض قبل بلوغ الجنين الأربعة أشهر أي قبل نفخ الروح فيه فكيف يحرّم هؤلاء قتل الخلية لتحديد نوع الجنين.
في حياتنا العامة كم من أم رغبت في إنجاب أنثى لأن لديها عشرة من الذكور أو العكس، فلا مانع أن نأخذ بالأسباب فالإسلام لم يحرّم الأخذ بها. والله وحده: (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً) فأمره نافذ وما قدرة لكائن ولكن التماسنا للأسباب جائز. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لأخرج الله منها ولداً» لو حرّمنا كل تقنية ووقفنا لها بالمرصاد فسوف نجد أنفسنا في آخر الأمم محرومين معزولين لا نستطيع مجاراة عصرنا معلقين تخلفنا على شماعة هذا الدين العظيم وهو منه بريء.
No comments:
Post a Comment