11/23/2010

تحديات جمَة أمام حزب الإصلاح السياسي

Share

23-11-2010
مع الإعلان عن تأسيس حزب أردني جديد تحت إسم حزب الإصلاح السياسي في وقت تشهد  فيه ساحة العمل الحزبي تعداداً كبيراً للأحزاب و حراكاً ضعيفاً لم يخدم الوطن و المواطن كما يجب , فإنه من الحري على حزب الإصلاح السياسي أن يتعلًم من تجربة  و واقع الأحزاب الأردنية و أن يحاول أن يكون جديداً في فكره و طرحه و مفهومه لماهية العمل الحزبي و أن يحاول التخلص من عقدة الأنا التي تسيطر على الفكر الحزبي في الأردن .
فالأحزاب الأردنيًة تتنوًع  من حيث توجهها بخلاف ما تنادي به  أنظمتها الداخلية إلى ثلاثة  أنواع  تكاد تكون شبه واقعية و ملموسة ,  أما الأول فهي أحزاب المعارضة  التي  تنظر إلى الحكومة على أنها عدو و فاشلة و تعلق قضايا المواطن و المجتمع على عاتق الحكومة مطالبة إياها بحلول جذرية و سحرية , دون أن تحاول تقديم أي برنامج يعالج قضايا المواطن . حاملة مفاهيم و مصطلحات حزبية كانت سائدة في ستينيات القرن الماضي . و النوع الثاني من توجه الأحزاب في الأردن هو ذاك التوجُه التائه ما بين الإندماج مع المعارضة و ما بين رمي نفسه بين أحضان الحكومة , باحثاً عن منصب أو منفعة , و هذا النوع فاشل في أدائه و في توجهه و هو يمثل برواز حائط تجميلي ليس إلا في جدار الديمقراطية الأردني , أمًا النوع الثالث من الأحزاب الأردنية فهو ذاك النوع الموالي للحكومة أو ما يصطلح على تسميته بحكومة الظل , الذي يحاول أن يحافظ على وجود رموزه  حتى لا تختفي عن الوجود مع ضخ دماء و شخصيات جديدة في المجتمع الأردني .
فالإصلاح السياسي الذي بنى الحزب الجديد إسمه عليه يعتبر مصطلحاً فضفاضاً يهتم بالعمل و التوجه نحو الإصلاح في أي مجال اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي أو ثقافي أو بيئي يحتاج إليه المواطن و المجتمع .
و أمام  حزب الإصلاح السياسي الجديد فرصة قوية للعمل الحزبي و للإصلاح الحقيقي الجاد و لبناء قاعدة شعبية كبيرة فيما لو كان قلباً للمواطن ( بمعالجة قضاياه ) و عيناً للوطن ( بالحفاظ على ثوابث الدولة )  , فالعمل الحزبي لا يعني المعارضة الغوغاء التي لا يستفيد منها المواطن و الوطن على حد السواء  , و ليس هو بحليف الظل للحكومة للبحث عن منصب رفيع أو منفعة ما.
و مع وجود ظروف مناسبة للعمل الحزبي من تمويل و سماح بجمع التبرعات من داخل الأردن مدعًماً بهامش غير قليل من الحركة و التعبير , فإن الفرصة كبيرة و سانحة أمام حزب الإصلاح السياسي ليكون الحزب رقم واحد في الأردن أو ليكون الحزب التاسع عشر , و مسماراً جديداً يدق في نعش الديمقراطية الأردنية التي لم أجد لها مثيلاً,  لا في الوصف و لا في استفادة المواطن و المجتمع منها .
و نحذر إخواننا في حزب الإصلاح السياسي من مطب السقوط الذريع الذي اعتادت أغلب الأحزاب الأردنية على ترديد اسطوانته المشروخة  معلقة أسباب فشلها عليه , بتبرير الفشل في العمل على ضعف الإمكانيات المادية أو قلة الدعم الإعلامي  أو تخوٌف المواطن من الإنتساب للأحزاب ,  حينها تكون علامات الفشل قد بدأت تنهك في بنيان و فكر الحزب , و حينها نكون أمام واحدة من أسباب فشل العمل الحزبي و عدم نجاعته في الأردن . فإما أن يكون السبب في عم رغبة الحكومة بوجود أحزاب و هو أمر مستبعد كلياً  أو أن يكون فكر الأحزاب غير مهيأ وناضج للعمل الحزبي , و لن ندافع عن الحكومة أو أي حكومة مقبلة فيما لو عولنا السبب الحقيقي لفشل العمل الحزبي في الأردن على عدم تطوير أداء عمل الأحزاب لنفسها( فكراً و وسيلةً و في إعداد برامج العمل .... الخ )  و لن أستغرب من أي شخص يبدي معارضته لي حول ذلك , خصوصاً إذا كان لا يعلم بان العمل الحزبي في بعض الدول النيًرة يمر في مراحل تقييم و دورات و إختبارات  , فالعمل الحزبي أشبه ما يكون بحكومة مصغرة تفرض ولايتها على أعضائها و من ثم على مؤيديها و مؤازريها سعياً لتمثليهم في البرلمان أو لتشكيل حكومة مستقبلية .
و لعل من أهم ما يشار إليه في عوامل بناء الحزب القوي و الناجح هو ذاك الحزب الذي يبنى على التعددية العرقية و الفكرية و السياسية و الدينية لأي مجتمع كان , مبتعداً عن التمييز العنصري الفعلي و العملي بجميع أشكاله . مستفيداً من تنوعه بتشكيل باقة ورد يتكون منها المجتمع الأردني  , و يجمع مفكريه و مثقفيه من شماله إلى جنوبه في مجموعة عمل حقيقية .
و مما ينبغي الإشارة إليه نصحاً لإخواننا في حزب الإصلاح السياسي من أجل عمل حزبي أنجع و أكثر نجاحاً و إستقطاباً للشعبية , هو بالسعي نحو تقسيم دوائر الحزب إلى دوائر تنشأ و تحدد مسمياتها حسب حاجة المجتمع الأردني لها . كالدائرة السياسية لتجذير الديمقراطية و نشر الثقافة السياسية و تبنَي حرية التعبير و الرأي المسئولة كمطلب مجتمع .
و من الدوائر الفعًالة أن تنشأ الدائرة الاقتصادية و يتولى إدارتها متخصصون لمطالبة الحكومة بتبني برامج و أفكار و اطروحات ينتجها الحزب نفسه ,  تكون عوناً للحكومة في معالجة قضايا المواطن و المجتمع الإقتصادية . و ينبغي أن يكون الحزب حذراً جداً من تبني مطالب أشبه ما تكون بالمستحيلة في التطبيق كالمطالبة بعدم فرض ضرائب في حين لا يوجد للأردن مصدر بديل للدخل إلا منه ,  و هذا ما إعتادت  بعض الأحزاب الأردنية للأسف على تبنيه و المطالبة  , مما خلف أزمة ثقة بين الأحزاب و الحكومة من جهة و بين المواطن و الحكومة من جهة ثانية  , و ساهم في خلق ثقافة تشاؤم لدى المواطن مبنية على اعتقادات أن الحكومة تعتاش على الضرائب متناسياً في ذات الوقت أن مخصصات الضرائب تذهب إلى تنفيذ الخدمات العامة .
و من الدوائر التي تعتبر في غاية الأهمية للمجتمع الأردني و للمواطن و التي سيدق ناقوس خطرها في المستقبل القريب و الذي أهملته أغلب الأحزاب الأردنية هو إيلاء الجانب البيئي أهمية في العمل و الطرح . فالأردن يحتاج إلى توعية  و تنمية بيئية مستديمة و مستمرة  و إلى أفكار و برامج تحافظ على بيئة الأردن من مكافحة تصحًر و محافظة على المياه و أراضٍ زراعية  , و بالتالي تأمين مستقبل أفضل للمجتمع الأردني .
كثيرة هي البرامج و الدوائر التي تخدم المجتمع الأردني  بعيداً عن التشاؤم السياسي , تحتاج إلى من يستنهض الهمم و يوجًه الإرادة و العزيمة للعمل , و كثيرة هي أصحاب الهمم التي تتشوق إلى خدمة الوطن و المواطن مستنيرة بذاك الهامش الديمقراطي المحدود لتوسعته و نشر نوره على أرجاء الوطن كاملا .
ذاك هو الفكر الحزبي الذي يريده المواطن و المجتمع و الوطن , تمثيلا قوياً و حقيقياً و فعالاً للمواطن , يكون عوناً للحكومة و رقيباً عليها  , و ليؤجل الفكر الحزبي قليلاً تبني قضايا الأمة العربية و ليركز على معالجة قضاياه الداخلية ريثما يكون الأردن قوياً و مكتفياً , حتى يكون قادراً ساعتها على تبني قضايا الإنسانية جمعاء , فما كان لبني أمية أن يسودوا العالم لولا إتفاقهم على وحدة و مقر مركزهم , و ما كان الإسلام لينتشر لولا بناء مركز المدينة , فمن ينكر أن للأحزاب العربية نصيب من ضياع فلسطين بسبب التركيز على لغة الإستنكار و البيانات .

No comments:

More Labels

2012 مقالات حقوق الانسان العدالة الإجتماعية 2011 احزاب ثورات الغضب الشعبية حملات تضامنية 2014 فساد صور 2015 إعلام الانسان العربي courses certificates online دورات سياسة 2013 أفلام 2008 جرائم ضد الانسانية اديان 2010 حزب الخضر الأردني فلسطين الشرق الاوسط منقول تعليم التمييز العنصري الشباب العربي برامــج سلسلة قانون تراجيديا 2016 ديمقراطية press 2007 ENGLISH media اطفال مصطلحات حقوقية وثائق 2006 تنمية كتب مذاهب سياسية اعلان حريات حقوق تائهة تدوين حرية تعبير 2005 الانتخابات العنف تعذيب دليل دراسي ورش عمل 2009 الإنترنت حقوق المواطنة فكر الإخوان المسلمين البيئة المرأة جوائز حقوق الانسان رسائل شعر و أدب إنساني مظاهرات نشطاء حقوق اللاجئين green policy ارهاب اعلام الحروب الحرية الشفافية العراق المقاومة تقارير جامعات حماس اغاثة العدالة العنف الجامعي اليوم العالمي ايران تنمية سياسية عنف اعتقالات الجزيرة العشائرية ثورة العبيد سلام ويكيليكس Ecology اجندة حقوق الانسان اكراد الإمبريالية الامم المتحدة اليوم العربي انتخابات بروشورات حقوق الاقليات حقوق المعاقيين صحافة مبادرات معاهدات و اتفاقيات 2016 certificates ISIS interview إضراب الاستبداد البرنامج النووي البطالة السلطة الرابعة الغام الملكية الفكرية جامعة الدول العربية حقوق سياسية دراسات سياحة عقوبة الإعدام قافلة شريان الحياة مجلس النواب مدونة سلوك مقابلات منح