المطلع على مسودة قانون الأحزاب الاردني الجديد المتضمن ثمانية وثلاثين مادة سيلاحظ أن المشرع لهذا القانون وضع تصوراً حكومياً مسبقاً لا يساعد على إزالة الغموض و الشكوك حول علاقة و رؤية الحكومة للعمل الحزبي و لدور الأحزاب و عملها و مستقبلها . حتى و إن أضفى تعديلات شكلية على بعض البنود في القانون السابق المعدل لعام 2007 .
فالحكومة الاردنية كصاحبة سيادة و سلطة كان يتوجب عليها أن تطلق قانوناً أكثر ليونة و مرونة و تشجيعاً للعمل الحزبي مما أطلقته الأن , في محاولة لرأب الصدع و لتطليف أجواء العمل الحزبي و التشجيع عليه و أن تعمل على تغيير المفهوم السائد لماهية العمل الحزبي في الاردن ,, لا بل ان تعمل على تغيير مفهومه من تجمع مشكوك في نشاطه و أشخاصه إلى تجمع إيجابي منتج و ذو نفع عام و شريك أساسي لتنمية المجتمع و طيف سياسي حيوي من ألوان الطيف السياسي الأردني .
فنصوص المسودة جامدة و مقيدة لما إحتوته من جزاءات كادت أن تغير من مضمون و شكل و غاية القانون من قانون خاص للأحزاب إلى قانون خاص للعقوبات حيث جرم القانون في أكثر من بند كل من حصل على دعم أو منحة أو هبة من مصدر أردني إعتباري ؟؟؟؟ و يقصد هنا الشركات و المؤسسات التجارية في محاولة للحد من أنشطة الأحزاب و عدم تضخمها و جرمت أيضا كل من حصل على ذات الدعم و النفع من جهات خارجية غير أردنية .
القانون بدًل الجهة القائمة في استقبال طلبات تاسيس الأحزاب و منح التراخيص لها و الاشراف على انشطتها من وزارة الداخلية الى لجنة حكومية مكونة من الوزير و من مسميات حكومية في محاولة للإيحاء بأن الجهة التي تشرف على عمل الاحزاب أقل صرامة من وزارة الداخلية .
و مع ذلك تضمن القانون عدداً من الإيجابيات كتخفيض عدد الأعضاء من خمسمائة عضو الى مائتين و خمسين عضو و كذلك بتخفيض عدد المؤسسين الموكلين من عشرة اشخاص الى ثلاثة فقط . و بتشكيل محكمة حزبية داخلية للبت في اي خلاف داخلي يقع بين الاعضاء او للبت في أي تجاوزات على قانون الحزب الأساسي , كما يعد تقييد مدة رئاسة الحزب بدورتيين فقط لا تزيد كل دورة عن أربع سنوات تعديلاَ هاماً من شأنه أن يعزز إنتقال السلطة الداخلية للحزب بسهولة .
و بعد ,,,
فما زلنا عند قناعتنا السابقة و حتى في ظل بنود القانون السابق أنه بالإمكان الإلتقاء مع الحكومة الأردنية في مسار واحد ينمي العمل الحزبي لخدمة المجتمع الأردني و لتشكيل ألوان الطيف السياسي الأردني فيما لو إتحدت رؤية الأحزاب الأردنية مع بعضها البعض للعمل و لتنمية العمل الحزبي .
فالمناخ الحزبي في الأردن و إن كان لا يلبي طموح أغلبنا للدرجة الكافية لحثنا على العمل الحزبي إلا أنه يعد الأفضل مما هو متاح لنا حالياً و أن تنمية العمل الحزبي يو تطويره رهين بالممارسة و الخبرة العملية و ببناء جدار الثقة بين الأحزاب و الحكومة و المواطنيين على حد سواء .
No comments:
Post a Comment