لا اعتقد ان الحديث عن قانون جديد للأحزاب الاردنية قد يحمل تعديلات و اضافات ايجابية او عن تعظيم و تنمية لدور الاحزاب في المجتمع الاردني لشيء مهم و كبير يعول عليه كثيرا في ظل وجود منظومة فكرية مسيطرة لدى الدولة ترى ان اي تعاظم و تنمية لذلك الدور سوف يستهلك من رصيد صلاحيات الملك الدستورية.
الحديث عن دور و اهمية دور الاحزاب في احداث تنمية سياسية و اجتماعية كبير جدا و مهم بالنسبة للدول التي يمثل الحاكم فيها دور موظف دولة و أكبر من ان نتناوله كشان أردني , فهي ( أي الاحزاب ) من ينمي الحياة السياسية و الممارسات الديمقراطية و ليست رغبات و دعوات الحاكم , و الأحزاب هي من يقود المجتمع المحلي ليدمجه في الانشطة الاجتماعية و هي من يحمي و يصون الدستور و الحقوق و هي من يمثل المعارضة النموذجية التي تراقب و تسأل السلطة التنفيذية .
في الاردن , لا يُحبذ وجود مثل تلك التنمية المزعجة بالمطلق , حتى و لو لم تتحقق اي تنمية سياسية و ديمقراطية , و لسان حال صناع القرار لدينا يقول ( بالناقص منها ) , لا لشيء و إنما لكونها ستحد من صلاحيات الثالوث المهيمن على صناعة القرار . و هذا ما يجعل الاردن على الدوام يقبع في أخر سلم تصنيفات المؤسسات الحقوقية عندما تتحدث عن الحقوق السياسية و النزاهة و الفساد و التنمية الديمقراطية .
و في فلك هذه المنظومة الفكرية الخاصة بالدولة ضاعت و ضُيعت الأحزاب , و اُختلق ما بات يسمى بالعبء الديمقراطي ( الاحزاب الوسطية ) و شُجع على افتتاح دكاكين الأحزاب لخلق فوضى ديمقراطية نموذجية يمكن التلاعب بها كما في مسرح الدمى المتحركة التي تًحرك باصابع خفية لا نراها .
قد يتقدم معالي وزير التنمية السياسية الدكتور النشط و الغيور على مصلحة تنمية الاحزاب الاردنية " خالد الكلالدة "بما يجول في خاطره من مشاريع و لقاءات و مبادرات و اقتراحات من شأنها لو كنا في دولة ديمقراطية ان تنمي و ترتقي فعلاً بدور الأحزاب لتصل الى مرحلة صناعة القرار , و لتشكل حكومات برلمانية و لتؤدي وظيفتيها الأساستين التي تحكم عمل الأحزاب ... الوظيفة السياسية و الوظيفة الاجتماعية بشفافية و سلاسة و بديمقراطية .
و نشطت المراكز المتخصصة هنا و هناك لتنشر الدراسات و الابحاث و تعقد الدورات و الورش العملية كخلية نحل يعمل الى جانبها عدة مراكز و مؤسسات دولية في قلب العاصمة عمان من اجل إحداث تنمية سياسية و ديمقراطية في الاردن , بل زاد الامر ان الدولة تنفق ملايين الدولارات لعمل لقاءات ترويجية و تعريفية و لنشر مطبوعات تنادي جميعها بالنزاهة و التنمية السياسية و الديمقراطية , و قد يحضر (بان كي مون ) يوما ما شخصياً إلى عمان لينظّر و يشرح لنا حول اهمية التنمية السياسية و المشاركة الديمقراطية , و كالعادة المستدامة تُجرى لدينا انتخابات دورية عمومية لمجلس النواب و للبلديات و كل ذلك و اكثر يسمح به لانه يدور في الاصل في فلك تلك المنظومة التي وضعت خطوطا حمراء لا يمكن تحاوزها مطلقاً.
لن تكون هنالك تنمية حزبية و سياسية في الاردن في ظل وجود هذه المنظومة و ان عولنا و حلمنا بها كثيراً لسبب واحد بسيط .
فالأحزاب ينبغي لها على الدوام ان تكون معارضة نموذجية لحين فوزها في الانتخابات البرلمانية و تشكل الحكومة البرلمانية و تتحول الحكومة السابقة الى معارضة , و هكذا تدور عملية تناقل السلطة و بالتالي تصبح الاحزاب هنا هي السلطة التنفيذية بعد ان كانت تمثل السلطة التشريعية بحكم كونها معارضة نيابية . و هذا الاجراء سيحد من صلاحيات الملك ليحول صلاحيته الى بروتوكولية فقط .
فهل ستوافق منظومة الدولة على ملكية دستورية مثلا لتسمح للاحزاب بالظهور ام لديها تفسير أخر ؟
سيتغير المستقبل حتماً نحو الأفضل لصالح الاحزاب شئنا أم ابينا و لسبب بسيط أخر ... فهذه المنظومة التي تسير عليها الدولة و تُسيرنا كأحزاب و كمواطنين في فلكها لن تستطيع الصمود امام المتغيرات الفكرية و الاجتماعية الطبيعية للمجتمع الآخذه في النمو و التطور , فحبذا لو بدأت الدولة من الأن تعلم أبجديات التنمية السياسية .
No comments:
Post a Comment