’’ في الشرق العربي من الصعب جدا ان تفاضل ما بين الحق في الحياة و الحق في المشاركة السياسية فالغالبية ستختار الحق في الحياة لكونها تأقلميت على الحياة بدون كرامة ‘‘
استوقفتني مشاركة عابرة لاحد الاصدقاء على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك طالبا مني ان اشارك برأي حول قصة عابرة سمعها من لاجىء سوري قدم الى الاردن .
يقول صديقنا بان ذلك اللاجىء اخبره بان الحياة كانت افضل قبل اندلاع الثورة في سوريا حيث كان يتوفر لديهم جميع اساسيات و متطلبات الحياة من طعام و كساء , و لكن الان - خلال الثورة - لفإن الشعب قد تشرد و هاجر و جاع و اضطر الى للهرب من جحيم الحرب الطاحنة التي تعصفت بالحجر و الشجر و الانسان و الارض على حد السواء , فلم تترك اثرا او شاهدا او كائنا حيا الا و سوته بالارض . و بالكاد تنجو الطيور و الحشرات من وقع اقدام الزاحفيين او من صوت هدير الطائرات و صواريخها .
لا ادري حقا كيف يمكن التوفيق بين راي انسان في ممارسة حقه في الحياة يأمن على نفسه و على أبناءه و يكون قادرا على تأمين كسرة الخبز لهم و بين القول الداعي الى الحق في الحياة بحرية و كرامة مادام مفهوم الحرية و الكرامة لدى جزء غير قليل من شعوبنا اصبح مرتبطا بحريته في شراء الطعام و الشراب و الحصول على الخدمات الاساسية كالماء و الكهرباء .
بل و من الصعب جدا ان تخلط بين مفهومين احدهما براي خاطىء و لكن الواقع يفرضه علينا كشعوب عربية بحكم اننا تاقلمنا على الحياة بدون كرامة تذكر . و بين مفهوم الارتقاء في سلم حقوق المواطنة لتمكنه من الحياة بكرامة .
فما هي هذه الكرامة التي نطبل و نزمر حولها و قد قامت ثورات عربية هنا و هنالك تطالب بها ؟!
انها ثورة تطالب بالحق في المشاركة السياسية للمواطن للتعبير عن رأيه بصراحة و علانية و بان يشارك في تاسيس الجمعيات و الأحزاب و التجمهر السلمي و الترشح و الانتخاب لاي منصب شاغر داخل الدولة .
فهل كان صاحب الرواية مثلا يستطيع ان يعبر عن رأيه السياسي داخل سوريا بصراحة و علانية دون ان يقتاد الى اقرب مركز امني و يهان مثل البهائم ( اجلكم الله ) ام كان قادرا على تشكيل احزابا و جميعات تعني بالعمل السياسي تجد الدولة وقتها ان كل عمل او فكر او مذهب سياسي يتعارض مع فكرها او منهجها بمثابة كيان مستسنخ و عدو يجب قمعه .
ام هل كان باستطاعة الراوي او ابنه ان يترشح لرئاسة الجمهورية على سبيل المثال ليقارع ال الاسد .
و من ابسط انواع الاهانة الحاطة للكرامة الانسانية التي كان يفتقدها جزء غير قليل من شعبنا السوري العظيم انه لم يكن قادرا على منع سطوة افراد اجهزة الامن و فسادهم و مقاضاتهم .
لعل تلك حقوق تافهة بالنسبة لمن تأقلم على الحياة بدون وجودها سيما ان مستلزمات الحياة الاخرى كالطعام و الكساء و الماء و الخدمات الاخرى متوفرة لديه , فلما يشغل باله اذا بهذه الحقوق التافهة ؟!
تماما كما العبيد حيث يوفر لهم مستعبديهم الماء و الكلا و النوم ليستمروا في عملهم الموكول اليهم صباح اليوم التالي .
ما نعيه حقا ان ظروف القهر و الكبت و الخوف و الرهبة لازمت الانسان المشرقي لعقود طويلة ... لدرجة انه بات من الصعب عليه ان يفاضل بين حقه في الحياة و بين حقه في المشاركة السياسية .... لانه من البديهي و من الطبيعي سيختار حقه في الحياة ...
No comments:
Post a Comment