ماذا نصنع كشعوب عربية حيال تدخل الأخرون في ثورتنا , فبينما نحن نقتل و نبحث عن كسرة خبز داخل حطام مدننا و بيوتنا التي هدمت فوق رؤوسنا , هنالك من يسعى بحسن نية او لنفترض بسوئها لرفع الظلم و البؤس عنا مستنجداً بالشياطين كما يحلو للبعض وصفهم بها .
ما ذنبنا كشعوب عربية ان جائتنا فرصتنا التاريخية لنتحرر و لنكسر قيود الاستبداد و القهر التي عشنا فيها لعقود مضت ضقنا فيها الأمرين كشعوب و كأفراد و كأوطان و ما زال بعضنا للأسف يعيش في كنفها .
و ما ذنبنا ان انفجر بركان صبرنا و غضبنا و ثارت مشاعرنا بعفوية لتمد كالنار في الهشيم في ارجاء معمورتنا العربية و بدون وجود معارضة منظمة لنا تخطط لمسار ثورتنا و تقودنا الى بر الامان ...
الا تلاحظون معنا ان كل مجالس معارضاتنا العربية قد تشكلت بعد وقت من اندلاع ثوراتنا و اخذت وقتا طويلا حتى تنظم شئونها و تسيير اعمالها بينما كنا و مازلنا كشعوب عربية ندفع ثمن الحرية دمارا و دماء و ارواحا .
ما ذنبنا ان لجأت معارضتنا و هي تسعى لتخليصنا من التعذيب و القتل اليومي الذي نواجهه الى طلب العون من فلان يحبه البعض و يمقته البعض الاخر و من دولة تصفونها كما يحلو لكم دولة صديقة او بغيضة .
و ماذنبنا ان استغل البعض منهم ثورتنا لتيحقيق مأربه و أجندته الخاصة .
هل نبقى مقيدين و مقهورين لذلك ؟ و نعيش بدون حرية و كرامة و حقوق .
و لما لم يمنحنا الحاكم المستبد تلك الحقوق قبل اندلاع ثورتنا او بعيدها على الأقل تفادياً لامتداد ثورتنا !
لما نُطالب نحن الشعوب العربية بالتراجع عن ثوراتنا و لا تُطالب تلك الانظمة بالتنحي سلمياً للحفاظ على الاوطان و الارواح من الدمار و الهلاك !
ألم نكن مقيدين و مكبلين كشعوب عربية و نعيش في قهر و هوان و ذل و فقر قبل هبوب نسائم الربيع العربي .
الم يكن الحاكم العربي يسرق المال العام و يكدسه لابناءه و حاشيته و ينفقه على اهوائه هنا و هناك بينما يعيش اغلبنا على القليل المعدوم .
الم تقتطع نسبة عالية من مالنا المسروق لتجيز ادوات القمع ضدنا .
من كان يستطيع ان يسأل حاكمنا من أين حصلت على مالك و كيف انفقته .
ألم تسمعوا قط بسجون التعذيب و الاعتقال التي إمتلات بها صحارينا و قرانا .
ألم تسمعوا عن المعذبين و المختفين و المنفيين منا , أم بات ذلك من صفحات الماضي بالنسبة لكم .
أضحكني كثيراً أحدهم عندما قال لي مرة ان ثوراتنا العربية قد خطط لها أعداء أمتنا ,,, تخيلت ان عدونا استطاع ان يقنع ذلك الشاب التونسي محمد بوعزيزي بالانتحار حتى يستهلم التونسيين و من بعدهم شعوب الدول العربية و من خلال الفيسبوك و التويتر و اليوتيوب إلهام الإنتحار و هكذا تمتد شرارة الفتنة لتقلب الامور رأساً على عقب في العالم العربي كاملاً ... كما تخيلتها او كما يعتقد احدهم .
نعم ... الكل يستغل ثوراتنا من أفراد بجهلهم و خوفهم و رأيهم من معارضين إلى دول إلى أنظمة إلى قوى و صناع قرار ....
لا يهم .... فثورتنا معلومة لنا متى انطلقت و معلوم لنا ما هي أهدافها و معلوم لنا متى ستنتهي إن شاء الله و الاهم أننا نعلم مسبقاً معنى ثمن الحرية و الكرامة و التحرر من القيود .
وصمة العار ستلحق بكل من إستغل ثوراتنا و ليس بمن شارك فيها و ضحى بالروح و المال من أجلها ...
لو لم تكن ثوراتنا عفوية لوجدتم لدينا معارضة ناضجة خططت و نسقت بالشكل الصحيح و اعطتنا صافرة الانطلاق للإستعداد تمهيداً لاسقاط انظمتنا المستبدة , و لما احتجنا الى تدخل من يستغلها و لما شاهدنا حجم الدمار الهائل في أوطاننا و لما اجتاحتها فوضى السقوط كالتي نراها في بعض اجزاء معمورتنا العربية .
لعل العدالة الالهية هي من مدت ثوراتنا بالعزم و الاصرار لتحقيق مسعاها النبيل في تحرير الانسان من الذل و الهوان و الفقر و الفساد الذي نعيش فيه .
علمنا التاريخ ان الكرامة و الحرية لا تسترد الا بالقوة فها نحن نستردها بالمال و بالارواح.
علمنا التاريخ ان إرادة الشعوب اقوى من سطوة الحكام و قيودهم و ان كسبوا جولة , فالمأل لكلمة الشعب و إرادته .
علمنا التاريخ ان ثمن الحرية باهظ الثمن فها نحن مستعدين لدفع الثمن .
علمنا التاريخ ان انظمتنا العربية ما كانت إلا لتثرثر و تطلق الشعارات البراقة الكاذبة لتمنح لنفسها الحق في السيطرة علينا , سرعان ما ظهر خداعهم و نفاقهم و خلعوا قناعهم الجميل مع اول أيام ثوراتنا .
الان عرفنا ان مالنا الذي حرمنا منه و الذي كان ينفق لتسليح جيوشنا لصد اسرائيل المفترضة لم يصدها قط و إنما اُستعمل لصد مطالبنا و لقتلنا .
علمنا التاريخ ان البعض لا يمانع من الحياة بدون كرامة و حرية مقابل كسرة خبز و أمن و أمان في سجن العبودية .
لم يعد يهم كل ذلك و ذاك .... فالتاريخ لن يرجع الى الوراء .... ثوراتنا ماضية و مستمرة شئنا نحن ام انتم أم ابينا و إياكم , فليستغل من شاء ما يشاء من ثوراتنا و ليصعد على أكتافنا الانتهازيون و يقطفوا ما شاؤا من ثمارها الناضجة , و ليقول من شاء ما يشاء من أوصاف لثوراتنا و لربيعنا العربي فان السفينة القوية هي التي تشق طريقها وسط الامواج العالية و تستطيع الوصول الى بر الامان .
سنعيش في فوضى السقوط لا محالة و هذا طبيعي و ندركه جيداً لسببين اما اولهما فان حكامنا المستبدين كانوا يخشون تعليمنا مبادىء حقوقنا و كيف نحترم الاخرين في المدارس فترعرنا لا نعي كيف نحترم و نصون حقوقنا التي لو استرددناها فإننا سرعان ما سنتصارع فيما بيننا لاحقاً على اسس غير ديمقراطية لملىء فراغ تلك السلطة المتهاوية .
لا لن يكون فراغ السلطة و الصراع حولها سبباً مقنعاً و كافياً لوقف ثوراتنا فالهدف أنبل و أعظم من ذلك ... تحرير الإنسان . بعد ان ضاعت علينا اوطان كثيرة مثل فلسطين و العراق و الصومال و السودان و لبنان و باتت أوطان عديدة بحكم الضائعة مثل دول الخليج العربي كاملة ً التي بات إنسانها و حاكمها للأسف لا يملك منها إلا سيارته و منزله .
النصيحة هنا ينبغي ان توجه الى اؤلئك الحكام و الانظمة الذين مازالوا متشبثين بسلطتهم ان يعتبروا و يعتدوا مما حصل لاقرانهم و لينأوا بانفسهم و بمواطنيهم من الهلاك و ليحافظوا على اوطانهم من الدمار التي لطالما تغنوا بها في خطاباتهم و بياناتهم . فإن قضاء الله نافذ و لا راد له .
No comments:
Post a Comment