تنويه : ارجو ان لا يفهم من سياق التالي انني ضد تطبيق الشريعة الاسلامية بقدر احترامي و تقديري لها و انما اعبر عن راي شخصي بان تطبيق الشريعة الاسلامية سيصطدم و تطبيق مرتكزات الهوية الاردنية بشكل خاص و مع الميول السائد داخل المجتمع الاردني بشكل عام "
ما بين الدعوة لحكومة رشيدة تتبنى رؤية اصلاحية شاملة و بين دعوة لتمكين المجتمع الاردني من ممارسة حقوقه كاملة ( كما فهمنا ) تم اشهار مبادرة زمزم اليوم التي تدعو الى الاصلاح و الحوار بطرق حضارية و سلمية مكتفية بتقديم تعريف لماهية الاصلاح على انه اصلاح نابع من حراك شعبي مسؤول يدعو الى تطبيق الشريعة الاسلامية و المحافظة على الهوية الاردنية و ما الى ذلك من اهداف جميلة و نبيلة كالمناداة بالمساواة كما فهمنا ذلك من السياق و نامل عندما اشارت المبادرة الى ان الاردن للجميع متضامنون و مسئولون عن حمايته و حماية مستقبل ابناءه .
كما لم تغفل المبادرة عن الاشارة الى العدو الصهيوني بانه يتربص من الوحدة الاردنية و يبني مصالحه على تشرذمه .
في الحقيقة ان زمزم مبادرة جميلة الاسم و المضمون و نؤيد الاصلاح الشامل الحضاري و المرتكز على ثوابت تحافظ على استقرار المجتمع و تجمع الاراء و لا تفرقهم .
تحافظ على الاحترام المتبادل و ان كان الطرف الاخر معارض فان من اخلاق المعارضة اضافة الى المبادرة و الاصرار و الايمان ان تلتزم بادبيات و اخلاق الحوار الهادف و البناء و هو ما نتأمل , ان المبادرة ترتكز عليه او بالاحرى هي فعلا ترتكز عليه لكون اعضائها يميلون الى اللاعنف و الى الحوار مع جميع الاطراف .
المبادرة براي جاءت في وقتها المناسب و قبل فوات الاوان و الحمد لله ان الاردن لم ينجرف في الفوضى الديمقراطية التي انتهت بالوبال و الدمار و الهلاك على المجتمعات العربية الشقيقة بعد ان انحرف مضمون و اهداف ثوراتهم من ثورات حرية و كرامة الى صراع دام على السلطة و هو ليس ببعيد ان يحدث حتى لدينا في الاردن لا قدر الله .
لندع المجاملات جانبا و نتحدث بعض الشيء عن بعض الغايات هنا فيما لو اردنا ان نقف على امكانية تحقيقها .
براي ان المبادرة تضمنت دعوة مبالغ فيها عندما حاولت ان تدمج في مضمونها ما بين الدعوة الى تطبيق الشريعة الاسلامية و ما بين المحافظة على الهوية الاردنية متناسبة او ناسية ان الشريعة الاسلامية بمفهومها الفقهي في واد و ان الهوية الوطنية في مفهوم الإنتماء و التطبيق في واد اخر و من الاستحالة دمجهما و العمل بهما كدعوة و كتطبيق معا , ما لم يؤثر احدهما على الاخر لتخرج علينا هوية جديدة مركبة و لنسميها الهوية الوطنية الاردنية الاسلامية .
فكثير من اوجه الفقه الاسلامي على اختلاف مذاهبه يتعارض مع مرتكزات الهوية الوطنية الاردنية و قوانينها التي تنادي بمصلحة الاردن كمصلحة وطنية عليا فوق كل اعتبار و لو كان ذلك على حساب قضايا عربية او انسانية اخرى .
فالهوية الاردنية المبنية على المصالح كما نفهمها تتمثل بعلم و حدود و علاقات دبلوماسية مع هذا و ذاك مبنية على مصالح و باقامة سلام مع اسرائيل و اقامة تحالفات عسكرية و تجارية و اقامة علاقات دبلوماسية , و مؤخرا ما شاهدناه من موقف اردني مبني على مصلحة وطنية تمثل بالناي عن النفس امام جرائم الابادة البشرية التي يتعرض لها المسلمون لعل ذلك كفيلا للفصل ما بين الهوية الاسلامية و الهوية الوطنية .
و قد تقفل الحدود امام مجموعة لاجئين او تفتح و كل ذلك مناط باهمية مصالح الدولة و اولوياتها و قد تجد الهوية الاردنية مصالحها مثلا في وجود اندية قمار كما حدث مؤخرا لولا الضغط الشعبي الذي اجهض هذا المشروع
كما ان الهوية الاردنية تلتزم بعلمانية الكثير من القوانين و ما الى ذلك من ابراز لهويات الاقليات الدينية و المذهبية التي وجدت مناخا خصبا فما بينها للتآلف و الوحدة في ظل نظام شبه علماني حيث اندمجت مبادىء العولمة و العمانية بعاداتنا و تقاليدنا الاسلامية سرعان ما ستنتفض و للاسف امام ظهور اي نزعة دينية للدولة الاردنية لتطبق الشريعة كما حدث في مصر .
اما ان كان المقصود من المحافظة على الهوية الاردنية بالمحافظة على لغتنا العربية الاصيلة و لهجاتنا المحلية فهذا شان اخر و مفهوم اخر و نتفق و اياه .
نتمنى من القائمين على هذه المبادرة الجميلة اسما و مضمونا ان يبادروا الى حذف الغاية الاولى من المبادرة """" و ليس من النفوس """" و هي تطبيق الشريعة الاسلامية و ذلك ليس من باب الكفر و العياذ بالله و انما من باب كونها تتعارض و واقعنا المزري الذي نعيشه , فمن ان تجد لها مكانا للتطبيق الفعلي ما لم يعاد احياء الدعوة الاسلامية من الصفر , مدركين ان تطبيق الشريعة لا تقف فقط عند اغلاق حانة خمور و ملهى ليلي هنالك او ايقاف التعامل مع البنوك الربوية على سبيل المثال و ما الى ذلك بقدر ما هي تربية و تهذيب للنفوس و تأصيل للاخلاق الاسلامية حتى يكون المجتمع حينها مهيأ لتلقي اوامر الشريعة الاسلامية .
واعين و مدركين ان مجتمعنا الاردني مشبع بمبادىء العولمة و العلمانية . فمن الصعب جدا ان ننادي بتطبيق الشريعة الاسلامية لان ذلك سيشكل عامل انهيار لمجتمعنا .
No comments:
Post a Comment