10/05/2013

مبادرة زمزم : تساؤلات حول الهوية الاردنية و تطبيق مبدأ الشريعة الاسلامية

تنويه : ارجو ان لا يفهم من سياق التالي انني ضد تطبيق الشريعة الاسلامية بقدر احترامي و تقديري لها و انما اعبر عن راي شخصي بان تطبيق الشريعة الاسلامية سيصطدم و تطبيق مرتكزات الهوية الاردنية بشكل خاص و مع الميول السائد داخل المجتمع الاردني بشكل عام "

ما بين الدعوة لحكومة رشيدة تتبنى رؤية اصلاحية شاملة و بين دعوة لتمكين المجتمع الاردني من ممارسة حقوقه كاملة ( كما فهمنا ) تم اشهار مبادرة زمزم اليوم التي تدعو الى الاصلاح و الحوار بطرق حضارية و سلمية مكتفية بتقديم تعريف لماهية الاصلاح على انه اصلاح نابع من حراك شعبي مسؤول يدعو الى تطبيق الشريعة الاسلامية و المحافظة على الهوية الاردنية و ما الى ذلك من اهداف جميلة و نبيلة كالمناداة بالمساواة كما فهمنا ذلك من السياق و نامل عندما اشارت المبادرة الى ان الاردن للجميع متضامنون و مسئولون عن حمايته و حماية مستقبل ابناءه .
كما لم تغفل المبادرة عن الاشارة الى العدو الصهيوني بانه يتربص من الوحدة الاردنية و يبني مصالحه على تشرذمه .
في الحقيقة ان زمزم مبادرة جميلة الاسم و المضمون و نؤيد الاصلاح الشامل الحضاري و المرتكز على ثوابت تحافظ على استقرار المجتمع و تجمع الاراء و لا تفرقهم .
تحافظ على الاحترام المتبادل و ان كان الطرف الاخر معارض فان من اخلاق المعارضة اضافة الى المبادرة و الاصرار و الايمان ان تلتزم بادبيات و اخلاق الحوار الهادف و البناء و هو ما نتأمل , ان المبادرة ترتكز عليه او بالاحرى هي فعلا ترتكز عليه لكون اعضائها يميلون الى اللاعنف و الى الحوار مع جميع الاطراف .
المبادرة براي جاءت في وقتها المناسب و قبل فوات الاوان و الحمد لله ان الاردن لم ينجرف في الفوضى الديمقراطية التي انتهت بالوبال و الدمار و الهلاك على المجتمعات العربية الشقيقة بعد ان انحرف مضمون و اهداف ثوراتهم من ثورات حرية و كرامة الى صراع دام على السلطة و هو ليس ببعيد ان يحدث حتى لدينا في الاردن لا قدر الله .
لندع المجاملات جانبا و نتحدث بعض الشيء عن بعض الغايات هنا فيما لو اردنا ان نقف على امكانية تحقيقها .
براي ان المبادرة تضمنت دعوة مبالغ فيها  عندما حاولت ان تدمج في مضمونها ما بين الدعوة الى تطبيق الشريعة الاسلامية و ما  بين المحافظة على الهوية الاردنية متناسبة او ناسية ان الشريعة الاسلامية بمفهومها الفقهي في واد و ان الهوية الوطنية في مفهوم الإنتماء و التطبيق في واد اخر و من الاستحالة دمجهما و العمل بهما كدعوة و كتطبيق معا , ما لم يؤثر احدهما على الاخر لتخرج علينا هوية جديدة مركبة و لنسميها الهوية الوطنية الاردنية الاسلامية  .
فكثير من اوجه الفقه الاسلامي على اختلاف مذاهبه يتعارض مع مرتكزات الهوية الوطنية الاردنية و قوانينها التي تنادي بمصلحة الاردن كمصلحة وطنية عليا فوق كل اعتبار و لو كان ذلك على حساب قضايا عربية او انسانية اخرى .
فالهوية الاردنية المبنية على المصالح كما نفهمها تتمثل بعلم و حدود و علاقات دبلوماسية مع هذا و ذاك مبنية على مصالح و باقامة سلام مع اسرائيل  و اقامة تحالفات عسكرية و تجارية  و اقامة علاقات دبلوماسية , و مؤخرا ما شاهدناه من موقف اردني مبني على مصلحة وطنية تمثل بالناي عن النفس امام جرائم الابادة البشرية التي يتعرض لها المسلمون لعل ذلك كفيلا للفصل ما بين الهوية الاسلامية و الهوية الوطنية .
و قد تقفل الحدود امام مجموعة لاجئين او تفتح و كل ذلك مناط باهمية مصالح الدولة و اولوياتها و قد تجد الهوية الاردنية مصالحها مثلا في وجود اندية قمار كما حدث مؤخرا لولا الضغط الشعبي الذي اجهض هذا المشروع 
كما ان الهوية الاردنية تلتزم بعلمانية الكثير من القوانين و ما الى ذلك من ابراز لهويات الاقليات الدينية و المذهبية التي وجدت مناخا خصبا فما بينها للتآلف و الوحدة في ظل نظام شبه علماني حيث اندمجت مبادىء العولمة و العمانية بعاداتنا و تقاليدنا الاسلامية سرعان ما ستنتفض و للاسف امام ظهور اي نزعة دينية للدولة الاردنية لتطبق الشريعة كما حدث في مصر .
اما ان كان المقصود من المحافظة على الهوية الاردنية بالمحافظة على لغتنا العربية الاصيلة و لهجاتنا المحلية فهذا شان اخر و مفهوم اخر  و نتفق و اياه . 
نتمنى من القائمين على هذه المبادرة الجميلة اسما و مضمونا ان يبادروا الى حذف الغاية الاولى من المبادرة """" و ليس من النفوس  """" و هي تطبيق الشريعة الاسلامية و ذلك ليس من باب الكفر و العياذ بالله و انما من باب كونها تتعارض و واقعنا المزري الذي نعيشه , فمن ان تجد لها مكانا للتطبيق الفعلي ما لم يعاد احياء الدعوة الاسلامية من الصفر  , مدركين ان تطبيق الشريعة لا تقف فقط عند اغلاق حانة خمور و ملهى ليلي هنالك او ايقاف التعامل مع البنوك الربوية على سبيل المثال و ما الى ذلك بقدر ما هي تربية و تهذيب للنفوس  و تأصيل للاخلاق الاسلامية حتى يكون المجتمع حينها مهيأ لتلقي اوامر الشريعة الاسلامية .
واعين و مدركين ان مجتمعنا الاردني مشبع بمبادىء العولمة و العلمانية . فمن الصعب جدا ان ننادي بتطبيق الشريعة الاسلامية لان ذلك سيشكل عامل انهيار لمجتمعنا .

No comments:

More Labels

2012 مقالات حقوق الانسان العدالة الإجتماعية 2011 احزاب ثورات الغضب الشعبية حملات تضامنية 2014 فساد صور 2015 إعلام الانسان العربي courses certificates online دورات سياسة 2013 أفلام 2008 جرائم ضد الانسانية اديان 2010 حزب الخضر الأردني فلسطين الشرق الاوسط منقول تعليم التمييز العنصري الشباب العربي برامــج سلسلة قانون تراجيديا 2016 ديمقراطية press 2007 ENGLISH media اطفال مصطلحات حقوقية وثائق 2006 تنمية كتب مذاهب سياسية اعلان حريات حقوق تائهة تدوين حرية تعبير 2005 الانتخابات العنف تعذيب دليل دراسي ورش عمل 2009 الإنترنت حقوق المواطنة فكر الإخوان المسلمين البيئة المرأة جوائز حقوق الانسان رسائل شعر و أدب إنساني مظاهرات نشطاء حقوق اللاجئين green policy ارهاب اعلام الحروب الحرية الشفافية العراق المقاومة تقارير جامعات حماس اغاثة العدالة العنف الجامعي اليوم العالمي ايران تنمية سياسية عنف اعتقالات الجزيرة العشائرية ثورة العبيد سلام ويكيليكس Ecology اجندة حقوق الانسان اكراد الإمبريالية الامم المتحدة اليوم العربي انتخابات بروشورات حقوق الاقليات حقوق المعاقيين صحافة مبادرات معاهدات و اتفاقيات 2016 certificates ISIS interview إضراب الاستبداد البرنامج النووي البطالة السلطة الرابعة الغام الملكية الفكرية جامعة الدول العربية حقوق سياسية دراسات سياحة عقوبة الإعدام قافلة شريان الحياة مجلس النواب مدونة سلوك مقابلات منح