معاناة انسانية بكل معنى الكلمة فاين المسئولين من ذلك ؟
هل نترقب " محمد بوعزيزي " أخر و جديد في مدينة عمان ؟؟؟
بالفعل نكتشف احياناً بان القانون هو المخطأ عندما نتحدث عن حالات إنعدام العدالة الاجتماعية .. و عندما يراد به أن يطبق على البعض فقط من الاشخاص دون الأخرين ... و تكبر معاناة الانسان اكثر فأكثر عندما يكتشف الإنسان انه غريب الوطن و الدار و مفتقد لقيمته و كرامته الانسانية...
" قدر لي ان اطلع اليوم على مأساة أحد شباب الأردن من الذين يعتاشون من عرق جبينهم كداً و تعباً بعض ان خذلتهم الظروف و حرمتهم الإمكانيات من تأسيس جزء من حياة مهنية مستقرة , يعمل بائعا على ( عرباية لبيع القهوة و الشاي ) قامت امانة عمان الكبرى ( بلدية عمان ) بمصادرة مصدر رزقه الوحيد ( العرباية ) و سرقة بعض محتويات عمله من بطاقات شحن هواتف و ما الى ذلك.
الشاب الذي يعيل أسرة - متزوج و له ثلاث اولاد و حسن السلوك و الخلق على حد زعمه و لا يملك أي مصدر دخل بإستثناء ما يجنيه من عمله على هذه ( العرباية ) و لا يملك أي مخصص تقاعدي او حتى تأمينا صحيا له و لعائلته أو لأسرته .
يمكن القول بالمختصر انه : مواطن بالاسم بدون أن يكون موجوداً باستثناء السجلات العامة طبعاً.
لنتخيل حجم و شكل هذه المأساة و المعاناة لهذا المواطن و لعائلته ؟ تتضح الصورة اكثر فاكثر لنا لنعرف لماذا و كيف أقدم صاحب بسطة الخضار التونسي الشهير " محمد بوعزيزي " على حرق نفسه منتحراً. , ندرك حينها مدى الظلم و معناه , مدى فقدان الكرامة الانسانية و معناها , مدى انعدام الرحمة لدى البعض و معناها الحقيقي .
ندرك حينها غصة القلب المريرة التي وقعت داخل قلب " محمد بوعزيزي " و ما الذي دفعه الى الانتحار .
الشاب راجع الجهة المختصة لدى دائرة الامانة ( البلدية ) فرفضوا ارجاع مصدر رزقه له ( أي العرباية ) و حذروه من العودة الى مكان عمله تحت ذريعة مخالفة القوانين علما أن شوارع مدينة عمان مليئة بالبسطات و الباعة المتجولون الذين يفترشون شوارع و ارصفة المدينة بطريقة عبثية و عشوائية و معيقة لحركة السير .
الشاب روى لي كيف أن مكان عمله ( و العرباية ) لا تضر أحداً حيث لا يوجد منافس له بالشارع الذي يعمل فيه و كيف انه يحافظ على نظافة المكان باستمرار و انه لا يتسبب أبداً بأية أزمة سير أو إعاقة للمرور .
الشاب كان يروي لي ما حدث له و تتملكه نبرة صوت امتزجت فيها حرقة المرارة بنداء استغاثة و فضفضة هم من قلب إمتلأ بجروح عميقة , و هو لا يدري اني اتالم لألمه و اتعايش مع معاناته متخيلا نفسي مكانه و الحمد لله على ما انعمنا الله به من نعم .
فحدثته طالباً ان يتوجه لأمين عمان ( رئيس البلدية ) لشرح مظلمته , فرد على هذا الشاب بضحكة تخفي ورائها وجعاً ملوناً بمرارة بأن مقابلة الملك عبدالله ( العاهل الأردني ) لهو أسهل من لقاء امين عمان ذاته ,,, و زاد .... هل سيشعر أمين عمان بمعاناتي فيما لو قدر لي أن أقابله ؟ .
فقلت له . لماذا لا تتوجه الى الديوان الملكي مثلاً ... فرد علي و هل الملك فاضي لهيك قصص ؟؟؟؟؟ او هل سيشعر معك موظف الديوان ؟
الشاب حدثني كيف انه ضاق ذرعاً من الكد و التعب الذي تسببه له العرباية و كيف انه بحث عن سبل و طرق من أجل الحصول على كشك ( بقالة صغيرة ) لضمان توفير إستقرار مهني له و لعائلته و لأسرته و أنه توجه الى وزارة التنمية الاجتماعية في وقت سابق لطلب الحصول على موافقة أو إذن عمل كشك الا ان الوزارة ردت عليه بانها لا تملك صلاحيات اصدار رخص الاكشاك , و ان الجهة المعنية هي مجلس شئون المعاقين .... و الغريب في الأمر أنه رغم كونه ( أي الشاب غير معاق ) إلا أن ظروفه الاجتماعية تكاد تصنفه كمعاق إجتماعي بإمتياز . كونه لا يملك شيئاً مادياً ملموساً و لا أي نوع من انواع مصادر الدخل أو حماية إجتماعية كضمان إجتماعي و تأمين صحي
و أضاف الشاب انه توجه مطلع هذا العام الى امانة عمان من اجل الاستفسار حول اصدار رخصة كشك الا ان القسم المسئول اجابه بأن الأمانة متوقفة عن اصدار الرخص لدواعي امنية منذ العام 2004., و نصحه بالبحث عن واسطة ( متنفذ او مسئول ) يساعده على الحصول على الرخصة إستثناءا من القانون الذي منع اصدار رخص الاكشاك .
ماذا يقال بحق هذ الشاب و بحق هذه التراجيديا , كونه أصبح بين ليلة و ضحاها عاطلاً عن العمل و بلا مصدر رزق علماً ان يقطن منزلاً مؤجراً.
الغريب في الأمر ان الامانة حسب زعم الشاب لا تجرؤا على مصادرة ( العربايات المتناثرة) داخل مدينة عمان و تحيددا في وسطها , لخوف الموظفين من اصحاب هذه العربايات و لكون اصحابها يتكاتفون مع بعضهم البعض للدفاع عن احدهم ضد موظفي الامانة ؟؟؟؟
ختم الشاب حديثه بالقول انه سيحرق نفسه على غرار ما فعله محمد بوعزيزي و لكن هذه المرة ليس قبل ان تصوره الجزيرة و العربية في بث حي و مباشر ليرى كل من يشاهد عملية الحرق معاناة انسان و عائلة تحرق , أبت أمانة عمان الكبرى الا أن تقطع رزقه و تمنعه من العمل ؟؟؟
فلا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم ؟
فما رأيكم بتراجيديا المواطن الأردني و هذه ليست إلا صورة إجتماعية واحدة من ملايين الصور المتنوعة ؟
No comments:
Post a Comment