ما زلت أجهل لغاية الأن من هي الجهة التي يُناط بها على
الدوام مهمة صياغة قانون خاص للأحزاب السياسية لدينا, إن لم تشارك أحزابنا في
صياغة هذا القانون أو يُعتد برأيها و تُستشار على اقل تقدير في ظل وجود هذا الكم
الهائل من الأحزاب و من القيادات الحزبية يملكون من الدراية و الرؤية ما يمكّنهم
من تقديم مسودة قانون خاص بهم , لتعبر عن تطلعاتهم لمحددات و مخرجات العمل الحزبي
في الأردن, شانهم في ذلك شأن جميع الأحزاب السياسية من حول العالم التي تنعم
بالإستقرار و توافر بيئة التنمية الخاصة
بها.
لما نُصر على تهميش دور الأحزاب السياسية في المشاركة و
الإستشارة , و نعول على وزارة الداخلية ( ذات
الصفة الأمنية غير السياسية ) أو على
مشرعين قانونيين ( ليس لديهم ادنى دراية بأبجديات العمل الحزبي ) او على ... لا اعلم من الممكن ان يُكون .
الغريب في أمر تشريعاتنا الحزبية أنها تصدر كمسودة من
جهة ... لنسميها ديوان التشريع الاكبر ؟! و من ثم تحول الى ديوان التشريع الذي
نسمع به على الدوام ؟! .
و الأغرب من ذلك و بخلاف كل الإجراءات المتبعة في دول
العالم المتحضر إن مجلس النواب ( ذو الصفة التشريعية الافتراضية ) يكون أخر من
يعلم عن صدور هذا التشريع و اخر محطة من محطات التمرير للقانون؟!. اي ان دوره يكمن في المصادقة على القانون و في التحفظ على بعض
البنود كأكبر دور يمكن ان يمارسه مجلسنا الكريم للأسف .
و من ثم يقدم القانون للأحزاب السياسية كجرعة تنمية و
تحت عنوان بارز و جميل ... نحن نلبي تطلعاتكم و نسعى لخدمتكم ؟! سرعان ما يتم رفضه
حزبياً كما حصل مؤخراً مع مشروع القانون الثالث .
لا ادري لما كل هذا اللف و الدوران و الإنهاك و الجهد و
التخبيص و نحن نتحدث عن تشريع هام لبضع مواد لن تتعدى الثلاثون مادة , الغاية منها
أن تحكم و تنظم العمل الحزبي لأحزاب
سياسية مرخصة قانونا بالأصل ؟!
و أين دور وزارة التنمية السياسية من هذه الاشكالية التي
تواجهنا في التشريع , و ما شأن الناطق الإعلامي
للدولة للإعلان عن تقديم مسودة قانون ( ليس قانون جاهز ) جديد للاحزاب السياسية بحضور
وزير التنمية السياسية ؟!
كان من الممكن أن نبرر لأنفسنا و للرأي العام سبب صدور ثلاث
تشريعات حزبية متتالية خلال عقد واحد من الزمن , بأنه لمواكبة التنمية الديمقراطية و السياسية التي
يشهدها البلد , فيما لو كنا نرى تنمية حقيقية و نتلمسها بأيدينا على أرض الواقع. و
لكننا للأسف نتحدث عن رفض شبه مطلق من الأحزاب الوسطية و قبل اليمينية منها لمسودة
القانون الثالث .
لا يمكن تفسير
ما يحدث لدينا من تعاقب قوانين الأحزاب بهذا الكم من العدد الا بحاجتنا الماسة إلى
إستقرار سياسي و رؤية حكومية مستقبلية اكثر تفاؤلاً و مرونةً مبنية على أساس
القبول و الايجاب و الشراكة في هذه الحياة .
No comments:
Post a Comment