كانت مقابلة يتيمة و سؤال يتيم واحد مع معالي
وزير التنمية السياسية الأسبق الأستاذ بسام حدادين حول معيقات التنمية الحزبية في
الاردن على هامش إحدى الورش التي نظمتها الوزارة في إحدى قاعات المدينة الرياضية
قبل سنتين تقريباً , لأدرك من جوابه انه مقيد و أسير تصريحاته . و هذا ليس نقداً
شخصيا ً لشخص معاليه لأننا نتفهم مسئولية الوظيفة الحكومية , بقدر ما هو إنطباع
شخصي لإنسان ينظّر و ينتقد ثم سرعان ما ينقلب على مبادئه حينما يتولى المسئولية ,
ثم ليعاود التنظير مجددا بعد إخلاء المسئولية باحثاً عن قاعدة جديدة يستند إليها
بعد خسارته لقاعدته الأولى التي ظهر من خلالها و إنطلق منها .
مقالة معاليه الأخيرة و التي حملت عنوان "
قانون الاحزاب الجديد منزوع الدسم " , يترك انطباعاً لدى القراء عند قرائتهم
للعنوان بان المقالة ستتضمن انتقاداً لاذعاً لمسودة قانون الأحزاب المثيرة للجدل و
التي باتت مرفوضة بإجماع حزبي , و لكن سرعان ما سيكتشف القارىء بان مقالة معاليه
لم تتضمن إلا إنتقادات غير موضوعية و شاذة عن الإجماع , لم تتطرق اليها الأحزاب
الاردنية كافة من باب الجهل بالقانون , فالانتقادات طالت قانونية وجود جماعة
الاخوان المسلمين ؟! و دورهم السياسي , و انتقدت الإمتداد الفكري للاحزاب اليسارية
و القومية كما يستشف من السياق , و طالت في انتقادها قيمة الدعم المالي الممنوح
للاحزاب السياسية في دعوة مبطنة لتقليل ذلك الدعم حتى تصل بها الحال لطرق أبواب و
جيوب المواطنين لاستجدائهم ؟!.
اعتقدت للوهلة الاولى ان مقالة معاليه ستنتقد
بموضوعية مسودة القانون , من منطلق خبرة واسعة و مقربة من دوائر صنع القرار ,
لأكتشف أن المقالة تغاضت عن سلبيات القانون المجمع عليها حزبياً و أُقحم بدل من
ذلك و تحت ذرائع التساؤلات الديمقراطية انتقادات مبطنة لجماعة الاخوان المسلمين و
قانونية وظيفتهم السياسية و مشاركتهم في الحياة العامة و انتقاد لوجود حزب جبهة
العمل الاسلامي كحزب ديني , و ضرورة تقيدهما و منعهما من العمل كما يستشف من
السياق كما في الدول الديمقراطية التي لا تسمح بتأسيس الاحزاب الدينية لديها .
و للإيضاح لمعاليه , فإنه و حسب علمنا فإن
المملكة الاردنية الهاشمية لم تعلن صراحة في دستورها او في قوانينها تحولها نحو
الدولة العلمانية لنتفق مع معاليه فيما أشار إليه من منع لتأسيس الاحزاب الدينية ,
كما سبقتنا تلك الدول الديمقراطية و التي اختصرت دور الدين على اقامة الصلاة في
ايام الأحاد حتى نقول لجماعة الإخوان المسلمين ايضاً : إلتزموا بأداء الصلاة فقط .
و الانتقاد الثاني الذي وجهه معاليه فيما يتعلق
بالامتداد و الارتباط الفكري للأحزاب الخارجية في اشارة مقصودة لاحزاب معينة و
إتهامها بالحصول على تمويل خارجي , فذلك إنتقاد مردود و مرفوض لتعارضه و حرية
الرأي من جهة و لتنافيه مع إمتداد و عمق الأردن العربي و إنتمائه لقضايا أمته ,
متناسياً معاليه أن تلك الاحزاب شكلت و تشكل التوازن السياسي المطلوب في المشهد
السياسي العام . كما اتناسى معاليه انه لو صدق الاتهام بالتمويل الخارجي لما
إنتظرت أجهزتنا الامنية الذكية و اليقظة حول هذه المسالة لبرهة من الزمن لتحقق حلم
حياتها و تطالب بحل تلك الاحزاب لمخالفتها الصريحة للقانون .
أما الإنتقاد الثالث و الأخير حول ما تضمنته
المقالة , فكان بخصوص الدعم المالي المقدم للأحزاب السياسية حيث يرى معاليه ان رفع
سقف الدعم الى خمسون الف دينار سيسمح بإختراق تلك الاحزاب من قبل الشركات و
المستثمرين في مشهد تصوري هو الأقرب للحياة الحزبية في الولايات المتحدة الامريكية
, متناسياً معاليه أن ما تدفعه الحكومة لأحزابنا السياسية إنما هو مخصص تنمية لا
منحة , يساهم دافعوا الضرائب من المواطنين بدفعها , و لولا ذلك المخصص لما إستطاعت
احزابنا أن تستمد وجودها داخل مجتمع تغلب عليه ثقافة الخوف و الترهيب من الإنخراط
في العمل الحزبي و دعم احزابه .
فعن اي تخوف و تخويف و قانون منزوع الدسم تتحدث
يا معالي الوزير , و قد حدت بعيداً عن سلبيات القانون الجديد و مضمونه , و ليتك
إطلعت على نصوص المسودة و ما أصدرته أحزابنا السياسية من إعتراضات حتى نقف و إياكم
على هذا القانون الخالي من الدسم .
No comments:
Post a Comment