دراسات حزبية : الإدارة الحديثة للأحزاب السياسية - أهمية خاصية الاتصال و التواصل

تقديم :

لا تختلف إدارة الحزب السياسي مطلقا عن إدارة أي شركة أو مؤسسة تجارية من حيث اهمية خاصية الاتصال و التواصل لكل منهما في مخاطبتهما للجمهور و استقطابه و ترويج ما يمتلكا من افكار و برامج و خطط و بالمحصلة لتحقيق الاهداف التي أنشأ لاجلها .

و عند النظر الى فاعلية هذه الخاصية لدى أحزابنا الاردنية و بالتالي مدى استخدام هذه الخاصية بفاعلية من عدمها و تأثيرها على واقع العمل الحزبي داخل الأردن , نجد ان غالبية الاحزاب الاردنية لم تستخدم هذه الخاصية بالشكل الذي يحقق لها الفوائد المرجوة ,  و هذا ما نراه كشاهد عيان و كمتابعة من خلال الرسائل الحزبية ( كإنتشار و تأثير )  .

 في الحقيقة ان البيروقراطية الحكومية وحدها لن تكون هنا موضع اتهام لنحملها سبب ضعف رسالة الاحزاب , بقدر ما هو عائد للتقصير الواضح من قبل الأحزاب في الأخذ و التطبيق العملي لمفاهيم الادارة الحديثة داخل العمل الحزبي , فالرسالة لا تصل من ساكت بالتأكيد , و لعل سبب التقصير الرئيسي هنا يعود إلى الطريقة التقليدية في إنشاء الأحزاب لدينا في العالم العربي عامة و من ضمنها الأردن التي لا تعتبر الجانب التسويقي جزء من عملها.

كمختص و متابع لشئون الأحزاب اعترف انني وجدت صعوبة كبيرة في عمل قائمة اتصال و تواصل موحدة لجميع الاحزاب الاردنية الإحدى و الثلاثون المتواجدة على الساحة الاردنية الان للإرتباط معها إعلامياً كجزء من طبيعة عملي . و السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام و نحن نتحدث عن تنمية حزبية منشودة , ماذا لو كان المهتم هنا مواطنا عاديا يرغب بالاطلاع على واقع الاحزاب الاردنية  او قراءة شيء عن برامجها  ,, فهل سيحالفه الحظ بقراءة القليل عن بضعة احزاب باستثناء البعض منها طبعا ؟!

بالتاكيد و بالكاد سيقرأ عن بعض الاحزاب و ليس جميعها ,و حتى هذه الاحزاب التي حالفه الحظ بقراءة شيء ما حولها فانه بالتاكيد سيواجه صعوبة في معرفة عنوان احداها او معرفة الشخص المعني بالعلاقات العامة  فيها .

و من الإفادة الحقيقية ان نوجز فوائد استعمال و تطوير هذه الخاصية بالتالي :

-         يسمع الاخرين برسالتك الحزبية و يطلعهم على فكرك و برنامجك.

-         الوصول الى اكبر عدد ممكن من المواطنين بسرعة كبيرة.

-         مواكبة لنمط الحياة المتسارعة .

-         استعمال افضل للموارد المالية و باقل التكاليف.

-         و في بلد مثل الأردن حيث تنتشر شبكة الانترنت داخل منازل ما لا يقل عن 50% من المنازل و يحظى مجتمعه بنسبة تعليم عالية جدا تجيد استخدام هذه الخاصية بمهارة فان افضل مزايا هذه الخاصية بالنسبة للاحزاب السياسية يتمثل بمخاطبة شريحة الشباب و خصوصا الجامعيين منهم .

و من خلال الجدول التالي الذي تم إعداده خصيصا لهذه الدراسة ( واقع و فاعلية خاصية الاتصال و التواصل لدى الأحزاب السياسية داخل الأردن ) نرى ان أحزابنا للأسف أهملت عدة محاور هامة من هذه الخاصية , و نظرا لكون النتائج محرجة بالطبع للاحزاب السياسية فاننا نكتفي بالاشارة الى النتائج دون الاشارة الى اسم الحزب , حتى لا نتهم باننا نشهر او ننتقد الاحزاب متهمين قياداتها بعدم الخبرة او الإهتمام.

النتيجة : في الواقع ان الاحزاب الاردنية فشلت في استعمال و تطوير وسائل الاتصال و التواصل الخاصة بها كما يظهر الجدول التالي :

وسائل الاتصال و التواصل الموجودة لدى الأحزاب السياسية

 (31 حزب سياسي مرخص لغاية 21/03/2014)

وسيلة الاتصال و التواصل	عدد الاحزاب ممن تمتلك	مؤشر الاداء العام
التواصل الإلكتروني
موقع إلكتروني رسمي / مدونة رسمية	14	جيد
صفحة تواصل إجتماعي facebook	11	ضعيف
صفحة تواصل إجتماعي twitter	2	ضعيف جداً
صفحة تواصل إجتماعي youtube	4	ضعيف جداً
بريد إلكتروني للحزب	17	مقبول
التواصل التقليدي
عناوين اتصال هاتف / فاكس	27	جيد جدا
وضوح العنوان الرئيسي	20	جيد
فروع الحزب في المحافظات الاردنية	14	مقبول
وضوح عناوين الاتصال بالفروع	4	ضعيف جدا
وجود ناطق اعلامي للحزب	8	ضعيف
التواصل المقروء
وجود البرنامج العام للحزب	12	ضعيف
وجود مطبوعات للحزب ( برنامج الحزب - بروشورات – نظام داخلي – برامج مطبوعة )	22	جيد
صحافة حزبية ( داخلية / خارجية )	6	ضعيف جدا
التواصل المسموع و المرئي
اذاعة – تلفزيون	3	ضعيف جدا
منتدى	3	ضعيف جدا

كيف تقيم مدى فاعلية هذه الخاصية داخل حزبك ؟

التواصل الالكتروني : ضع علامتين امام كل وسيلة متوفرة ليكون لديك النتيجة من 10

التواصل التقليدي :  ضع علامتين امام كل وسيلة متوفرة ليكون لديك النتيجة من 10

التواصل المقروء : ضع 5 علامات امام كل وسيلة متوفرة ليكون لديك النتيجة من 15

التواصل المرئي  و المسموع : ضع خمس علامات امام كل وسيلة متوفرة ليكون لديك النتيجة من 10

الحلول و التوصيات

في الحقيقة ان الحلول كثيرة و متعددة و متوفرة لتعزيز و تنشيط وسائل الاتصال و التواصل و يمكن ايجازها كالتالي :

مساعي الحزب لتطوير خاصية الاتصال و التواصل :

1-    توفير وسائل اتصال تقليدية واضحة و ثابتة كارقام الهواتف و الفاكس و بروز عنوان الحزب بشكل واضح داخل اي مطبوعة بالاضافى الى بروز عناوين الفروع و وسائل الاتصال بهم .

2-    إبراز العنوان الإلكتروني للحزب على الدوام ( في المطبوعات و الـ roll up و اليافطات و خلال المؤتمرات و الندوات و في اي مكان و نشاط يقوم به الحزب ) لانه الاسرع في التعريف و الاكثر تشجيعا و تطوراً.

3-    سعي الحزب الدائم لتوفير رسائل اعلامية جاهزة له على الدوام كبرنامج العمل – بروشورات دعائية – نظام داخلي مطبوع – طلب انتساب .

4-    سعي الحزب لتدريب عضو واحد على الأقل او عدة اعضاء على المهارات الادارية و الإلكترونية الحديثة و توفير جميع مستلزمات الإدارة الحديثة داخل مكتب الحزب من وسائل اتصال  كجهاز الحاسوب و الهاتف و الفاكس و البريد الالكتروني .

5-    تأسيس شبكة إتصال إلكترونية بين فروع الحزب لتسهيل عملية الاتصال و التواصل بين المقر الرئيسي و فروعه من جهة و بين الاعضاء فيما بينهم من جهة اخرى .

6-    سعي الحزب لتبني خطة اعلامية خاصة له تتضمن : تأسيس موقع إلكتروني بالاضافة الى التواجد في صفحات التواصل الاجتماعي لايصال رسالة الحزب الى اكبر شريحة ممكنة من الجمهور و لاستقطاب اعضاء جدد.

7-    احتفاظ الحزب بسجلات إدارية منظمة و عمل نسخ احتياطية pack up دورية لها و حوسبتها ما امكن .

8-    اطلاق حملة ترويج مكثفة للحزب (دورية , شهرية او ربع سنوية ) عبر صفحات الحزب على مواقع التواصل الاجتماعي و الغاية هنا انه اذا لم يستقطب الحزب اعضاء جدد فانه حقق هدفا أخر تمثل في اثبات الوجود و الظهور داخل المجتمع .

9-    تأسيس صفحات إلكترونية على مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة مثل الـ facebook – twitter. و ارشفة و توثيق انشطتها عبر تأسيس صفحة أفلام على موقع الافلام العالمي   youtube     و بالتالي فان عدم وجوده يعطي انطباعا بان الحزب لم يقم باي نشاط يذكر طوال فترة تأسيسه .

10-       عمل دفتر خاص او طباعة نموذج الاتصال الدائم و هو عبارة عن نموذج جدول يحتوي على معلومات و بيانات الزائرين و المؤازرين للحزب او للنشاط , ليتمكن الحزب من التواصل معهم لاحقا و دمجهم في قوائم الحزب البريدية لايصال رسائله و انشطته إليهم .

11-    حمل الى وسائل ترويجية مثل roll up للترويج المجاني معها عند مشاركتها في اي نشاط بالاضافة إلى عدة نسخ من مطبوعاتها.

12-       سعي الحزب على تأسيس علاقات عمل و تعاون مع الاعضاء المنضمين للحزب لتشجيعهم على الاستمرار في الحزب و لتحفيزهم على استقطاب اعضاء جدد كعمل شبكة اتصالات هاتفية داخلية بين الاعضاء او تأمين طبي معين او استصدار بطاقات عضوية او انتفاع من خدمات معينة او تنشيط الزيارات و الرحلات الجماعية ... الخ .

13-       التمدد الافقي – الجغرافي للحزب في المحافظات الاردنية و ذلك بالتفرع داخل المدن ما امكن .

14-       اعتماد بريد إلكتروني رسمي للحزب لاضفاء طابع رسمي للحزب و لمراسلاته .

15-       القيام بأشطة ترويجية دورية في كافة محافظات الأردن للتعريف بانشطة الحزب و برامجه و خططه المستقبلية .

16-    اصدار صحافة داخلية مقروءة ما لم يكن التواصل الالكتروني للحزب نشطا فحينئذ يمكن الاستغناء عن هذه المبادرة .

المساعي الحكومية :

1-    حبذا لو ان وزارة الداخلية كونها المرجع المعتمد للأحزاب و الجهة التي تقدم الدعم المالي ان تطلب من الاحزاب السياسية تفعيل و تنشيط وسائل الاتصال و التواصل لديها و تعمل على مراقبة اداء الاحزاب الاردنية حول هذه الخاصية الرئيسية . ( مع اننا نعارض التدخل الحكمي المباشر في عمل الاحزاب من حيث المبدأ و لكن للضرورة احكامها ) .

2-    و حبذا لو ان وزارة التنمية السياسية و البرلمانية كجهة حكومية معنية بتنمية العمل الحزبي ان تعمل على نشر الفكر الحزبي للاحزاب السياسية داخل المجتمع الاردني من خلال وسائل تواصل متعددة كعقد دورات المجتمع المحلي للتعريف بماهية الأحزاب – - تبني خطة تدريبية لموظفي الاحزاب - نشر بوسترات و برامج الاحزاب – انشاء اذاعة رسمية او تلفزيون او صحيفة رسمية ناطقة بلسان الأحزاب .

الخلاصة :

1.    حبذا لو بادرت الاحزاب الأردنية لاستعملا و تطوير وسائل الاتصال و التواصل لديها من خلال اشهار خطة اعلامية – ترويجية مكثفة و سريعة لتثبت وجودها كمؤسسات معنية بالتواصل مع الجمهور .

2.    يجب ان لا تنتظر الأحزاب السياسية الحكومة لتبادر بمساعدتها نحو تفعيل وسائل الاتصال و التواصل لان ذلك التمني لا يحدث و لم يحدث و لن يحدث في اي مكان في العالم .

3.    يجب على الاحزاب ان لا تعلق اسباب تقاعسها في تنمية وسائل الاتصال و التواصل على شماعة البيروقراطية الحكومية و الهامش القليل المتاح للتحرك .