4/17/2014

المملكة الخامسة ... هل ستكون جيدة لأبنائنا ؟

" الدولة الذكية هي التي تخطط لمستقبل نظامها السياسي و تقوم بإصلاح ذاتي دوري لأعمدة نظامها من تلقاء نفسها مستعينة بعلماء الإجتماع السياسي في إدارة الدولة , و ليس على الإدارة الأمنية  دون غيرها "

قد لا يحظى بعضنا , و الله أعلم , بفرصة لرؤية عهد المملكة الخامسة , أطال الله في عمر مملكتنا الرابعة و مليكها , و هذا ما دفعني للكتابة حول تلك الفترة التي لا نعلم كيف ستكون ملامحها و درجة إستقرارها , خشيةً أن تنتقل إليها تراجيديا المعاناة التي نعيشها, و بالتالي توريثها لأبنائنا, بدل التفاؤل بالحديث معهم عن طموحاتهم و خططهم في الحياة , فيما لو قدر الله لنا العمر ان نراهم .


برأي الشخصي , لم يعد هنالك أي بارقة أمل لرؤية نتائج حقيقية للإصلاح و قطف ثمارها في عهدنا , طالما يتحدث الملك عن وجود ديناصورات و قوى شد عكسي , يتطلب إنقراضها و إختفاء تأثيرها و تداعيات فترة وجودها التي إمتدت لعشرات السنين , يتطلب عشرات أخرى من السنين لإزالة تلك التداعيات و التأثيرات.
و من جهة أخرى , نرى و نسمع و نقرأ عن برامج حكومية كثيرة و متعددة تتحدث عن تدرج في الاصلاح , و كل درجة تتطلب من خمس إلى سبع سنوات من التطبيق,  فيما لو قدر لها أن تطبق و تنجح .
و ما نراه من جانب أخر , و الذي  يزيد من عدم تفاؤلنا بتحسين الوضع الحالي خلال فترة العشرة أو العشرين عاماً القادمين , من خطوات إصلاحية , فهي للأسف , قاصرة و بطيئة و غير كافية لإثمار نتائج الإصلاح  , و بعيدة كل البعد عن صميم الإصلاح الجذري لأعمدة النظام , و هي أشبه ما تكون بورشة دهان , يستعمل لتغطية الفساد , لن يزيل التصدّعات التي أصابت الأعمدة مطلقاً , , أياً كانت جودة و نوعية ذلك الدهان المستعمل.
فما سكون الحراك و هدوءه مع بقاء أسبابه و عدم معالجة الجذور التي مهدت لنشأته , إلا بمثابة قنبلة مؤقته , إستطاع خبرائنا بحكنتهم و دهائهم إبطال مفعولها مؤقتاً , دون أن يتمكنوا من إزالتها.
لقد أخطأ نظامنا السياسي خطأً فادحاً عندما تصرف بأنانية واضحة , و لم يربط بين حاضر المملكة و نظامها الملكي – الوراثي - الهاشمي , و مستقبلها , بأن فسّر ظاهرة الحراك الإصلاحي , تفسيراً سلبياً , يهدد النظام , بدل النظر إليه على أنه تحذير طبيعي يفيد بوجود خلل إداري داخل الدولة , سيؤثر على مستقبل المملكة .
 فكان الأولى من نظامنا السياسي أن يشكر دعاة الإصلاح و حراكه , لما قدمه من خدمة عظيمة له في كشف الفساد , و لم يستغل ذلك لمراجعة حساباته , و يفكر بقلق مثلنا حول مستقبل المملكة الخامسة لولي العهد , تماماً كما نقلق نحن و نفكر كيف سيكون مستقبل أبنائنا فيها.
و هذا في الحقيقة يسبب لي الآرق لمجرد التفكير به , و هو همٌ و شرٌ و بلاءٌ , لا بد منه , في ظل آرق التفكير بمستقبل أكثر أماناً و إستقراراً لأبنائنا .
فكما سرق الفاسدون هذا الوطن من باب حرصهم على تامين مستقبل أبنائهم , فإنه من حقنا نحن أيضاً أن نتحدث و نحلم لأبنائنا بفرصة جيدة للتعليم , و تأمين صحي ينعمون به  , و بيئة تطبق فيها القوانين بمساواة حقيقية و فرص إقتصادية تضمن لهم فرصة عمل على أقل تقدير , و نظام سياسي قريب منهم , يسمع و يتحدث إليهم , دون وجود حواجز طبيعية .
و لن أسهب بسرد قائمة أمنياتنا , فهي أقرب ما ستكون إلى الخيال منها إلى الحلم و الواقع بالنسبة إليهم , فيما لو  سمعوها او قراوا شيئاً عنها  .
ما أتمناه حقيقةً , هو رؤية ذلك العهد , لأحدث أبنائي عن شكل المعاناة الإجتماعية التي مررنا بها و كيف إنقرضت الطبقة المتوسطة من مجتمعنا لإشباع بطون الطبقة الغنية .
لأحدثهم عن تلك القيمة الغالية للإنسان لدينا في ذلك الوقت , بينما كنا  نشعر بأننا أسوأ ما نكون .
لأحدثهم عن كرامتنا التي كنا نحتفل بها في كل عام , بمناسبة معركة مجيدة حدثت قبل قرن من زمانهم , و التي تختلف عن مفهوم و مضمون و شكل كرامتهم.
لأحدثهم عن عنف جامعي حطم نظام تعليمي كان لدينا يوماً ما , بناه ألاف مؤلفة من أبناء هذا الوطن , وكان يتربع يوماً ما على عرش الصروح العلمية في عالمنا العربي  , تخاذل الديناصورات عن حمايته .
لأحدثهم عن المودة و الألفة و الرحمة التي كنا نعيشها في ذلك الوقت كمجتمع , رغم أنهم كانوا دوماً  يذكروننا بأننا من أصول و منابت  متعددة , و لم يتخاصم أصل مع منبت يوماً ما  .
لاحدثهم عن عيون ساهرة , كيف كانت تسهر على سماع أصوتنا و قراءة كلماتنا و محاسبة نوايانا , و تغسل أدمغتنا ببعض الإعلاميين المأجورين , و تسلط علينا السحيجة الموجهين .
لأحدثهم عن تنمية سياسية و إقتصادية موعودة , يُعاد الحديث حولها مع كل تغيير حكومي و نيابي .
لأحدثهم كيف كان الفاسد في وقتنا يتنفّذ و يُكافأ و يتقلّد المناصب , و يقال عنه بأنه نموذج حقيقي للمواطنة الصالحة و المنتمية للوطن , بينما كان من يُكافح ذلك الفاسد , يُزج به في السجن  , و يُنعت بالخائن و ناقص الولاء و الإنتماء , و بأنه مهدد لأمن الدولة و السلم الاهلي , لإثارته النعرات الطائفية .

أتمنى حقيقة لمملكتنا الخامسة , أن تكون خالية من ضغوطات العدالة الإجتماعية و التنمية السياسية و الإقتصادية و تستعين بخبراء و استشارات علم الإجتماع و النفس. و خالية من الفساد و خالية بالطبع من الديناصورات , لأني لا أتوقع أن تكون هنالك قوة على وجه الأرض , قادرة على إخماد بركان الضغط , بعدما حاول مرة الإنفجار دون جدوى .

No comments:

More Labels

2012 مقالات حقوق الانسان العدالة الإجتماعية 2011 احزاب ثورات الغضب الشعبية حملات تضامنية 2014 فساد صور 2015 إعلام الانسان العربي courses certificates online دورات سياسة 2013 أفلام 2008 جرائم ضد الانسانية اديان 2010 حزب الخضر الأردني فلسطين الشرق الاوسط منقول تعليم التمييز العنصري الشباب العربي برامــج سلسلة قانون تراجيديا 2016 ديمقراطية press 2007 ENGLISH media اطفال مصطلحات حقوقية وثائق 2006 تنمية كتب مذاهب سياسية اعلان حريات حقوق تائهة تدوين حرية تعبير 2005 الانتخابات العنف تعذيب دليل دراسي ورش عمل 2009 الإنترنت حقوق المواطنة فكر الإخوان المسلمين البيئة المرأة جوائز حقوق الانسان رسائل شعر و أدب إنساني مظاهرات نشطاء حقوق اللاجئين green policy ارهاب اعلام الحروب الحرية الشفافية العراق المقاومة تقارير جامعات حماس اغاثة العدالة العنف الجامعي اليوم العالمي ايران تنمية سياسية عنف اعتقالات الجزيرة العشائرية ثورة العبيد سلام ويكيليكس Ecology اجندة حقوق الانسان اكراد الإمبريالية الامم المتحدة اليوم العربي انتخابات بروشورات حقوق الاقليات حقوق المعاقيين صحافة مبادرات معاهدات و اتفاقيات 2016 certificates ISIS interview إضراب الاستبداد البرنامج النووي البطالة السلطة الرابعة الغام الملكية الفكرية جامعة الدول العربية حقوق سياسية دراسات سياحة عقوبة الإعدام قافلة شريان الحياة مجلس النواب مدونة سلوك مقابلات منح