يجيد الإنسان العربي للأسف صناعة الزعيم , بل
و يجيد سياسة التطبيل و التزمير له , إن لم يجيد أكثر سياسة التقدس و التمجيد له , حتى بعد مماته, و كثيراً ما أتسائل بيني و
بين نفسي , ماذا قدم يا ترى هذا الزعيم المبجل بهذه الصفات العظيمة لأبناء جلدته أو
لذلك الإنسان , أكثر مما قدمه من هم أعظم منهم قدراً و أجل منهم مكانة ً , حتى
يكتسب الزعيم لدينا هذه الهالة المقدسة من حوله ؟ , و قد حكمهم بالبسطار تارة و
بشراء الذمم و النفوس تارةً أخرى ؟!.
راض كإنسان عربي و عن قناعة تامة بأن شرائه و بيعه بهذه الطريقة ,
و بهذا السعر إنما هو من باب المفاضلة و المحبة و المكافأة له , و ليس من باب الإسترقاق
له و التحكم بمصيره .
و أن ضرب الحاكم له و لغيره بالبسطار لهو شرف
عظيم له ما بعده شرف , و ليس إهانة كما يتصور عقلنا الباطني المخطأ .
يبرر تمجيده و تقديسه للزعيم في محياه و بعد
مماته , بأنه صانع التغيير و الأمجاد و العزة للأمة كلها , و ليس لبلده العربي فقط
, حيث يعيش .
و بأن ذلك الزعيم لهو صمام الأمان الذي سيتحول
بدونه الوضع الى جحيم و عدم إستقرار , بدون أن يعطي لنفسه مجرد فرصة للتفكير , حول
ماذا صنع و ماذا قدم و أين دور الإنسان من المساهمة في بناء ما بنى زعيمنا هذا او
ذاك , ان كان الزعيم هو من فعل كل تلك الإنجازات .
أو
هل كان ليجد مثل هذا الوضع السيء و المزري من حوله و داخل بلده لو كان ذلك
الزعيم المبجل هو صمام الأمان حقاً .
عجيب أمر ذلك الإنسان , بات يتغنّى بمعاني
الشرف و العزة و الكرامة و هو يعيش في فراغ منها , بل و تجده السباق دوماً للإحتفال بها , دونما
إدراك منه أنه بات مسيراً لا مخيراً , و إلا فضنك العيش و البسطار بانتظاره .
عجيب أمر ذلك الإنسان , بات يؤمن بقدسية
الزعيم, و أنه سبب العقاب و رغد العيش , مشركا بالله دونما وعيٌ منه , و تراه يردد
على الدوام " لا إله إلا الله , محمد رسول الله " .
بل الأعجب من ذلك الإنسان أنه بات ينافق نفسه
دونما إدراك, تراه يعلق صورة الزعيم على جدار مكتبه و منزله , سرعان ما يبدل
الصورة تلك بصورة زعيم أخر , مورثاً أبناءه الذل و المهانة و الشرك , و مواسياً
نفسه بان ما يفعله إنما هو من باب الولاء للزعيم .
هذ النموذج من الإنسان العربي خطرٌ و شرٌ ما بعده شر , لا يفتك فقط بمجتمعنا
العربي و بقيمه , بل يفتك بمفهوم الإسلام و غايته و يحرف مقاصد شريعته دونما إدراك
لتلبية رغبات الزعيم و هو يحسب أن ذلك واجباً عليه .
No comments:
Post a Comment